تحقيقرئيسي

عقاريون ومختصون لـ “الريادة”: قرارات الحكومة الأخيرة خففت من تداعيات “كورونا” على العقار

بعضهم رأى أن ضريبة القيمة المضافة تؤثر سلبا على حجم التداول

الرياض – أحمد نصير

أكد عقاريون ومختصون أن القطاع العقاري في المملكة تأثر خلال الأشهر الأخيرة بأزمة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد 19) ، شأنه شأن بقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى ، مشيرين إلى أن القرارات الحكومية الأخيرة ومنها قرار وزارة العدل برفع الإفراج الإلكتروني للعقارات إلى ثلاثة ملايين ريال وتكليف هيئة العقارات بالنظر في طلبات التملك من ذوي الشأن خففت من حجم الخسائر في هذا القطاع .

وأوضحوا – لـ “الريادة” – أن وزارة العدل حققت نقلة نوعية في سرعة الإنجاز على مستوى نقلة ملكية العقارات عبر تفعيل دور التقنية بشكل غير مسبوق ، مؤكدين في الوقت ذاته أن رفع ضريبة القيمة المضافة سيكون له تأثير سلبي على القطاع العقاري .

وعن حالة الجدل حول العقارات في الشارع السعودي ، أكد خبراء العقار أن العقار لن ينهار بل هو السند للأنشطة الأخرى الآن ، لافتين إلى أن عدد المستثمرين في القطاع العقاري من الأفراد أكثر من الكيانات العقارية وهذا يخلق سوقا عشوائية في البيع والشراء .

وثمنوا جهود وزارة الإسكان في إيجاد الحلول التمويلية ، معتبرين أن مستقبل العقار سيكون مختلفا ويتوائم مع التغيرات الجديدة.

مستقبل العقار 

في البداية أكد رجل الأعمال والعقاري سلمان عبدالله بن سعيدان أن السوق العقاري الآن يشوبه نوع من الترقب والتأني في اتخاذ القرار على خلفية أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، مؤكدا أن مستقبل القطاع العقاري سيكون متغيرا ويتوافق مع التغيرات الجديدة ؛ إذ أن أن الذكاء الاصطناعي صارت الحاجة إليه أكبر بكثير ، وسيؤثر هذا على تخطيط البينة التحتية للأحياء السكنية .

وقال بن سعيدان  لـ “الريادة” : إن الجائحة أثرت في وقت الحجر الكامل على القطاع التجاري بشكل أكبر مثل المطاعم والمناطق التي تعتمد على وجود المشترين بكثرة مثل السوبر ماركت ، حيث أثرت على تنظيمها وترتبيها وآلية الدخول وآلية التسوق وما إلى ذلك ، مضيفا أننا في حاجة دائمة إلى أفكار جديدة في التطوير العقاري.

وأوضح أن التمويل كان ولا يزال مشكلة في القطاع العقاري ، مشيرا إلى دور وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وخدمات اللجان العقارية وخاصة اللجنة الوطنية العقارية في المساعدة على إيجاد حلول متنوعة وخاصة الحلول التمويلية.

القرارات الحكومية .. ونشاط الحركة العقارية

من جهته ، أوضح الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن الربيعة ، الحاصل على دكتوراة في إدارة الأزمات والمهتم بالجانب العقاري، أن العقار تأثر بلا شك بأزمة “كورونا”، كما تأثرت بقية الأنشطة الاقتصادية خاصة بعد قرارات منع التجوال، مما أثر كثيرا على حجم التداول الذى قلّ جدا بسبب إغلاق الدوائر الحكومية والبلديات التي تمنح الفسوح لعمليات البناء إلا أن الأسعار لم تتأثر.

وعن تطور إجراءات الحكومية، قال د.الربيعة: “الحقيقة أن هذه التطورات صبت في مصلحة  المواطن والمقيم ، وخدمت جميع الأنشطة ومنها النشاط العقاري ، فلولا الله ثم هذه الإجراءات التي أصدرتها وزارة العدل قبل أزمة “كورونا” وأثنائها لكانت الخسائر والتأثير أكبر وأشد مما هو عليه الآن ؛ فالموثقون كانوا يعملون في  ظل أزمة “كورونا” ، صحيح أن هذا كان في نطاق ضيق ، لكن كان هناك عمليات إفراغ كثيرة جدا ، وهذا خدم العقار بشكل كبير جدا”.

وأضاف :”قرار وزارة العدل  بتفعيل الإجراءات الإلكترونية والتي منها الإفراغ الإلكتروني للعقار إلى 3 ملايين ريال إضافة إلى إعطاء الموثقين الصلاحية بالإفراغ إلى مساحات أكبر ومبالغ أكبر والسماح لهم بالرهن ، وكذلك قرار الولاية المكانية وغيره كثير ، هذه القرارات كان لها دور في إنعاش السوق العقاري والتسهيل على المواطنين ، أيضا هناك قرار يُدرس – حسب ما سمعت أنه سيصدر إن شاء الله قريبا – يتعلق  باللجنة المشكلة في كتابة العدل والتي يعرض عليها المساحات التي تتجاوز 10.000م2 سوف تكون أكثر تنظيما ومرونة حيث أن الوضع الحالي يستغرق وقتا طويلا لكي يفسح الصك حتى وان كان ذالك ضمن مخطط معتمد – ولننتظر حتى يصدر القرار ويوضح ذلك – وهذا سيؤدى إلى نشاط في الحركة العقارية.

وتابع :”ولا ننسى ما تقوم به هيئة العقارات وقراراتها الأخيرة التي سوف تعزز من النشاط العقاري ، لكن  أعتقد أن رفع ضريبة القيمة المضافة له تأثير سلبي على حجم التداول، وسوف يؤثر وبشكل كبير جدا ، وآمل أن يتم النظر في العقار نظرة ثانية ، فمثلا الشخص الذي يشترى فيلا بـ 4 مليون ريال بدلا من أن يدفع 200 ألف ريال ضريبة أصبح مطالبا بدفع 600 ألف ريال، وهذا مبلغ كبير جدا وقد يؤثر على قرار الشراء من عدمه، لكن أرى أن هناك جانبا آخر سينشط وهو ازدهار الأراضي التي يسمح فيها بتعدد الأدوار وإقامة الشقق السكنية وبالذات في المناطق الرئيسية مثل مكة والرياض وجدة وغيرها من المناطق الرئيسية، إذ سيكون عليها حركة نشطة جدا والله أعلم؛ لأن المشتري سوف يبحث عن العقار الذي تقل قيمة عن 875 ألف ريال وخاصة إذا كان المسكن الأول؛ لأن الدولة – وفقها الله – سوف تتحمل الضريبة عن المشتري بناء على الأمر الملكي الكريم ، وبالتالي سيتجه المواطنون إلى الشقق السكنية لأنهم لن يدفعوا ضريبة القيمة المضافة إذا كانت تنطبق علية شروط الإعفاء التي ذكرت” .

وأردف :”أتوقع والعلم عند الله أن الأراضي التجارية التي تقع على الشوارع الرئيسية ستتأثر بشكل كبير جدا ، ومعها الكثير من الأنشطة ؛ لأن ضريبة القيمة المضافة عليها كبيرة، فمثلا شارع مثل تركي الأول وصل إيجار المتر فيه إلى  2000 ريال تقريبا ،  فالمستأجر الذي استأجر مساحة معينة بمليوني ريال بعد أن كان يدفع عليها 100 ألف ريال ، الآن سوف يدفع 300 ألف ريال، وبالتالي ضريبة القيمة المضافة ستأثر على النشاط  الاقتصادي بشكل عام ، وأعتقد أن الناس سيكون عندها ثقافة التسوق من الخارج أكثر من الداخل” .

الشعبويون .. والجدل حول العقار 

واستنكر د.الربيعة الجدل الموجود في الشارع السعودي منذ سنوات على خلفية الحديث عن أن العقار ينهار وأنه استثمار لا يخدم البلد، وقال: ” أنا أرى أن الشعبويين للأسف الشديد منذ أكثر من 20 سنة يهاجمون العقار وهم من يروجون أن العقار ينهار ، ونحن نسمع هذا منهم، ومع ذلك العقار في صعود وازدهار وانتعاش، بل إن  أكثر القطاعات الاقتصادية التى تصمد أمام الظروف والصدمات هو العقار ، والعقار الآن هو السند للكثير من الأنشطة الاقتصادية بلا استثناء”، مؤكدا أن المستثمرين العقاريين والمطورين يقدمون خدمات جليلة للوطن من خلال نشاطهم التجاري والسكني وكثير من الدول لم تنشط الحركة التجارية لديها إلا من خلال المطورين العقاريين بأنشطتهم المختلفة سواء السكنية أو التجارية فهم دعامة من دعامات تطور ورقي المملكة.

وفيما يتعلق بمؤشر الأسعار أكد الدكتور الربيعة  أنه “حسب توقعي لن ينخفض وسيستمر على نفس المنوال ويكون مستقرا، لكن ليس معنى هذا أنه لن يكون هناك فرص لأسعار أقل من سعر السوق، فمن يحتاجون للسيولة المالية من المؤكد أنهم سوف يبيعون بأقل من سعر السوق ، ولكن هذه الفرصة ستكون محدودة جدا”.

واختتم الدكتور الربيعة حديثة بأن يحفظ على المملكة حكومتها الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده ويرزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم على المسؤوليات الكبيرة وأن يديم عليها أمنها وأمانها ويديم عليها نعمة الأمن والأمان والصحة والاستقرار، وأن يحفظها من كيد الكائدين والماكرين والمتربصين، وأن يزيل هذه الغمة عاجلا عنها وعن جميع بلاد المسلمين والعالم أجمع”.

نقلة نوعية 

وفي سياق آخر وحول أداء وزارة العدل في الشأن العقاري ، قال أحمد الشهري ، الكاتب الاقتصادي المتخصص في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال ، إن وزارة العدل حققت نقلة نوعية في سرعة الإنجاز على مستوى نقل ملكية العقارات عبر تفعيل دور التقنية بشكل غير مسبوق ، لاسيما أن عمليات نقل الملكية تم رفع سقف التعاملات فيها إلى ثلاثة ملايين ريال، معتبرا أن هذا مؤشر على نجاح المرحلة الأولى والتى كانت في حدود المليون ريال، كما أنها دليل على أن المنظومة العدلية التقنية أصبحت أكثر موثوقية، لاسيما في هذا النوع من التعاملات المالية شديد الحساسية.

وعزا الشهري – في حديثه لـ “الريادة” – ارتفاع وتيرة تجاذبات الرأي العام حول العقارات في السعودية إلى أن عدد المستثمرين في القطاع العقاري من الأفراد أكثر من الكيانات العقارية ؛ ولذا يعد هذا سوقا عشوائيا في قرارات البيع والشراء.

غير أن الشهري أكد أن السياسات العامة في مجالي التنظيم والاقتصاد في طريق تفكيك الكتلة المالية الموجودة في العقار وإعادة توزيعها بطرق اقتصادية بهدف خدمة جميع القطاعات الاقتصادية مثل التصنيع والتجارة والخدمات والسياحة والطاقة والمواد الأساسية ، لافتا إلى الهدف من ذلك هو زيادة تنوع الأسواق الداخلية استثماريا ، وبالتالي زيادة تنوع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

اظهر المزيد
إغلاق