مقال

التمويل بالإستدانة

ٱلْبَاحِث والمُحَاضِر / الْدُكتُور إِبْرَٱهِيم رُشْدِي اَلشُلقَامِيِ

ان الناظر للموقف المالي لأي من الشركات يُلاحظ أنها تحتوي على جانبين بحيث يحتوي الجانب الأيمن على الأصول بمختلف أنواعها، والتي تعتبر استخدامات أموال الشركة، بينما يحتوي الجانب الأيسر على الخصوم وحقوق الملكية والتي تعتبر مصادر أموال الشركة، كما يمكن للشركة الحصول على التمويل اللازم من خلال زيادة الخصوم وهو ما يعرف بالتمويل عن طريق الإستدانة، أو أن تقوم الشركة بزيادة حقوق الملكية وهو ما يسمى بالتمويل عن طريق أصحاب الملكية، وقد تقوم الشركة باستخدام وسيلتي التمويل معاً من خلال تمويل احتياجاتها عن طرق اقتراض جزء بالإستدانة وزيادة حقوق أصحاب الملكية بالجزء الباقي، فتختلف بذلك نسبة اعتماد الشركات على مصدري التمويل حسب طبيعة النشاط الذي تعمل فيه وحسب طبيعة تدفقاتها النقدية وتكاليف التمويل المصاحبة لكل نوع من أنواع التمويل، إضافة لحجم الشركة وغيرها من العوامل، كما أن مزيج التمويل بالإستدانة وأصحاب الملكية يشكل الملامح الرئيسية لهيكل رأس مال الشركة وهيكل تكاليف رأس مالها وبالتالي فإن عملية المفاضلة بين مصادر التمويل المتاحة لا بد وأن يتم في ضوء تحديد تكلفة كل مصدر تمويل ومخاطره التي يتضمنها، ومن هنا نبحث في قرار التمويل وأهميته، والمصادر التي تتوفر أمام الشركة للحصول على التمويل سواء عن طريق الإستدانة أو عن طريق أصحاب الملكية.
بما أن الهدف الرئيسي للإدارة المالية يتمثل في تعظيم القيمة السوقية للشركة وبالتالي تعظيم ثروة المساهمين سعياً وراء تحقيق أهداف الشركة باستخدام الاستراتيجيات المعتمدة وبالاعتماد على ربط موازنة رأس المال بهيكل رأس المال وبرأس المال العامل وصولاً إلى تحقيق هيكل رأس المال الأمثل للشركة.
الشكل التالي يوضح التمويل بالإستدانة، فالشركة اما ان تحصل على التمويل عن طريق الإستدانة بالقروض البنكية أو الإستدانة بالسندات، فالتمويل عن طريق الإستدانة بالقروض البنكية يعتبر من أحد مصادر التمويل الهامة لما للبنوك من تعدد في اشكال التمويل الائتماني المتاحة مثل قروض رأس المال العامل والاعتمادات المستندية والجاري المدين والكمبيالات المخصومة، ولكن لا نغفل عن الشروط الوقائية التي يفرضها البنك على الشركة والمتمثلة في عدم توزيع الأرباح أو عدم الاقتراض من أي جهة أخرى إلا بموافقة خطية من البنك مقدم القرض.

أما التمويل عن طريق الإستدانة بالسندات، وهي أوراق دين طويلة الأجل تصدر من قبل الحكومات أو الشركات للحصول على تمويل طويل الأجل، فهي صكوك دين تدل على أن الشركة استدانت مبلغ من المال من مشتري السند على أن تتعهد للمشتري في السند بأن تعيد المبلغ المقترض في تاريخ استحقاق محدد ليس فقط أصل المبلغ ولكن بالإضافة الى الفوائد المترتبة على هذه السندات، حيث تسجل هذه السندات محاسبياً في القوائم المالية للشركة في جانب المطلوبات لأنها ديناً على الشركة يستحق سداده مستقبلاً، وبما أن السندات تعتبر وسيلة تمويل ذات تكلفة ثابتة على الشركة لا تتغير من فترة لأخرى، كما أنها تساهم في تخفيض العبء الضريبي على الشركة وذلك بتخفيض الفوائد المدفوعة على هذه السندات من الربح الخاضع للضريبة، أيضاً يحافظ على هيكل الملكية وحقوق التصويت في الشركة حيث يتفادى دخول مساهمين جدد، وكما أن للسندات مزايا فعليها أيضا مآخذ عديدة منها وجود التزام واجب السداد عند الاستحقاق لفترات طويلة الاجل، كما أنها تزيد من مخاطر الشركة باعتبارها أدوات استدانة تزيد من نسب الرفع المالي للشركة، يُضعِف من قدرة الشركة على اتخاذ بعض القرارات الإدارية وبصفة خاصة توزيع الأرباح، أيضا قد تواجه الشركة مخاطر مرتبطة بتحركات أسعار الفوائد بحيث أن الفائدة في السوق قد تنخفض إلى ما دون مستوى الفائدة على السند السابق التمويل والاستدانة به وبالتالي تصبح فوائد السند أعلى مقارنة بتكاليف التمويل السائدة في السوق، والسندات على أنواع واشكال عدة نوضح بعضاً منها: –

سندات المقارضة الإسلامية
وهي سندات تخول لأصحابها الحصول على عائد يرتبط بنتائج نشاط الجهة المصدرة لها إيجاباً وسلباً، فالعائد الموزع على هذه السندات يتغير بتغير الفائض المحقق، حيث يتم توزيع الفائض القابل للتوزيع بنسبة شائعة من الربح على حملة هذه السندات، فهي المنشأ المعاصر لميلاد وتطوير وانتشار الصكوك الإسلامية والتي تتعدد أنواعها ونوضح بعضاً منها: –

فسندات المقارضة الإسلامية وما تبعها من صكوك إسلامية متنوعة هي جائزة شرعاً لقيامها على قاعدة “الغنم بالغرم” فقد جاء في فتوى دار الإفتاء المصرية بشأن استثمار المال في اذون الخزانة وسندات التنمية ما يلي: “ولما كانت أذون الخزانة وسندات التنمية التي تصدرها الدولة بمعدل فائدة ثابت من باب القرض بفائدة وقد حرمت الشريعة الإسلامية القروض ذات الفائدة المحددة أياً كان المقرض أو المقترض لأنها من باب الربا المحرم شرعاً بالكتاب والسنة والإجماع”، كما ذهب أيضاً مجمع الفقه الإسلامي إلى ذلك في فتواه التي جاء فيها “إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعاً من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول، لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة، ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوك استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو عمولة أو عائداً”، كما تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الإسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصماً لهذه السندات، كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين أو لبعضهم لا على التعيين فضلاً عن شبهة القمار.
من البدائل للسندات المحرمة “السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة” لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا تكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يكون من هذه السندات أو الصكوك ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلاً.

اظهر المزيد
إغلاق