تحقيقكورونا والاقتصاد

مختصون يرسمون لـ “الريادة” مستقبل ريادة الأعمال في ظل “كورونا” ويحددون الحلول لمواجهة التحديات

دعوا للتركيز على التقنية والعمل عن بعد وثمنوا المبادرات الحكومية

د.أحمد الكبّير : قطاعات الأعمال المختلفة بحاجة لإعادة تقييم الأهداف الإستراتيجية وتطوير استخدام التقنية والعمل عن بعد

خالد المحيميد : المبادرات الحكومية خففت من آثار الأزمة .. والقطاع سيشهد انتعاشة في الأشهر المقبلة 

دلال العصيمي : على روّاد الأعمال الاهتمام بالتسويق الإلكتروني وخدمات التوصيل.. والاتجاه لإنشاء المصانع 

 

تحقيق : أحمد نصير 

 

تعرّض قطاع ريادة الأعمال في السعودية شأن باقي الأنشطة الاقتصادية لتأثيرات سلبية ناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) ، ما دعا الحكومة إلى تقديم العديد من المبادرات وحزمة من الدعم المالي والخدمات لتخفيف آثار هذه الأزمة ، غير أن السؤال عن مستقبل هذا القطاع بات يفرض نفسه بقوة في ظل التحديات الحالية .
“الريادة” طرحت السؤال على عدد من المختصين ورواد الأعمال ، واستطلعت آراءهم حول الحلول المقترحة ، فماذا قالوا؟

المبادرات الحكومية .. والصمود 

في البداية تحدث الدكتور أحمد الكبيّر ، عضو مجلس إدارة عدد من الشركات والجمعيات من بينها جمعية ريادة الأعمال ، عن التحديات التي تواجه ريادة الأعمال قائلاً :”ريادة الأعمال من المكونات الرئيسة في اقتصاديات الدول في الوقت المعاصر. لذلك نجد أن معظم الدول تبذل جهودا حثيثة لرعاية رواد الأعمال وتقديم أنواع متعددة من الدعم لمشروعاتهم المختلفة. وفي الظروف الحالية وما يعانيه الاقتصاد العالمي من الآثار السلبية لأزمة فيروس كورونا وتداعياتها الخطيرة على الاقتصاد والتجارة وما تتطلبه من منع للتجول وتباعد اجتماعي وإيقافات لأنشطة كثيرة فقد نشأت تحديات كبيرة ومتعددة وغير مسبوقة”.

وأوضح الدكتور الكبيّر ، لـ “الريادة” ، أن من هذه التحديات تلك المتعلقة بتغطية تكاليف التشغيل ، خاصة مع الانخفاض الحاد في الدخل أو توقفه التام في عدد من الشركات الناشئة والمشروعات الريادية ، منوها بأن هذا الأمر أدركت خطورته الحكومة فبادرت بتقديم حزم متعددة للدعم شملت الدعم الخاص بمرتبات العاملين وفق آليات محددة. هذا النوع من الدعم يمثل أهمية كبيرة لأنه لا يتعلق فقط بالشركات والمنشآت الريادية بل يتعلق بدعم استقرار آلاف الوظائف ويشمل كافة منشآت القطاع الخاص.

وأضاف :”ومن الحِزم التي قدمت للدعم أيضا؛ تلك المتعلقة بتخفيف الرسوم الخاصة بتجديد الإقامات ورخص العمل للعاملين من المقيمين، وهذه بدورها أسهمت بتخفيف أعباء مالية كبيرة على قطاعات أعمال متعددة مما يساعدها على الصمود أمام تحديات النقص الحاد للدخل في الفترة الحالية”.

الأهداف الاستراتيجية .. والحلول المقترحة 

وحول الحلول المقترحة قال الدكتور الكبيّر :”في نظرة للمستقبل نلحظ أن قطاعات الأعمال المختلفة عموما، والمشروعات الريادية بشكل خاص في حاجة ماسة لبذل جهود حثيثة ومركزة لإعادة تقييم التوجهات والأهداف الاستراتيجية والخطط والأدوات المحددة لتنفيذها ، ففي هذه الأوقات الصعبة لابد من التركيز على الأهداف الاستراتيجية الأكثر أهمية وبذل كافة الجهود لإنجاحها ، كما أن أدوات التنفيذ لهذه الأهداف تحتاج للنظر فيها مجددا وإعادة بلورتها وفرزها وفقا للمعطيات الجديدة والموارد القليلة المتاحة”.

وتابع :”كما أنها بحاجة للتطوير المستمر لمجالات استخدام التقنية والعمل عن بعد. فقد فتحت آفاقا عديدة للإفادة من التقينة والانترنت لم تكن متوفرة قبل أزمة كورونا” ، لافتا إلى أن “هذه التقنيات ستسهم بزيادة الكفاءة والفاعلية بشكل غير مسبوق حيث ستقلل من تكلفة المصروفات التشغيلية وتساعد في خدمة قطاعات أكبر من العملاء والمستفيدين كما ستساعد بالتركيز على الشرائح والقطاعات الأكثر أهمية ، وهو الأمر الذي لا مناص عنه اليوم للمنشآت للمقاومة والاستمرار في الظروف الحالية”.

المبادرات الحكومية .. وتخفف آثار الأزمة

من جهته ، أشار الأستاذ خالد بن عبدالله المحيميد ، وهو مستثمر في القطاع الغذائي ومهتم بقطاع الاستثمار عموما ، إلى أن قطاع ريادة الأعمال في المملكة شهد خلال السنوات الأخيرة نموًا متسارعًا، ويعود ذلك إلى جملة من المبادرات التي اتخذتها المملكة، ومن بينها إنشاء الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي قامت بتنفيذ حزمة من البرامج الرامية إلى نشر ثقافة وفكر العمل الحر وروح ريادة الأعمال والمبادرة والابتكار في نفوس الشباب السعودي، ودعم تنويع مصادر الدعم المالي للمنشآت الصغيرة”.

وأكد المحيميد ، لـ “الريادة” ، أن الحديث عن مستقبل قطاع ريادة الأعمال في المملكة في ظل أزمة كورونا يقتضي الإشارة إلى المبادرات العاجلة التي أطلقتها السعودية لمساندة القطاع الخاص بشكل عام، ومنها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن حجم هذه المبادرات بلغ ما يزيد عن 70 مليار ريال، وتمثلت هذه المبادرات في إعفاءات وتأجيل بعض المستحقات الحكومية لتوفير سيولة على القطاع الخاص ليتمكن من استخدامها في إدارة أنشطته الاقتصادية، إضافةً إلى برنامج الدعم الذي أعلنت عن تقديمه مؤسسة النقد العربي السعودي للمصارف والمؤسسات المالية، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 50 مليار ريال في المرحلة الحالية.

انتعاشة قادمة للقطاع

ولفت إلى أن هذه المبادرات خففت بلا شك من حدة آثار كورونا وساعدت قطاع ريادة الأعمال في التعايش مع تحديات هذه الأزمة وتبعاتها.

وتوقع المحيميد أن يشهد قطاع ريادة الأعمال انتعاشاً في الأشهر القادمة في ظل نجاح السعودية في اتخاذ التدابير الوقائية المبكرة لمواجهة الجائحة وتحجيم انتشار الوباء، وعودة الكثير من الأنشطة التجارية.

واختتم حديثه بالقول :”ربما تكون هذه الأزمة منعطفًا إيجابيًا في مسيرة هذا القطاع، فقد كشفت الأزمة أن هناك العديد من الفرص التجارية والأعمال الحرة المتاحة للشباب السعودي من الجنسين، وهي فرص ومجالات واسعة تحتاج من الجهات المعنية إبرازها وتقديم الدعم الكامل للشباب للدخول في قطاع المنشآت الصغيرة”.

نصائح لروّاد الأعمال 

أما دلال دخيل العصيمي ، إحدى منسوبات جامعة المجمعة والمدربة المهتمة بتنمية الفكر البشري وبالريادة والتميز في مجال ريادة الأعمال ، فقالت إن أزمة كورونا أصبح لها تأثير سلبي حيث أصيبت أنشطة اقتصادية بالشلل بدرجة كبيرة ، داعية رواد الأعمال إلى التغلب على هذه التأثيرات السلبية عبر توفير نظام إلكتروني للتعريف بالمؤسسة مثل إنشاء حسابات في تويتر وانستجرام وسناب شات وإتاحة رقم واتس أب فعال للتواصل مع المهتمين وتسويق المنتجات والأعمال وغيرها .

كما نصحت رواد الأعمال بالاهتمام بصناعة المحتوى للمؤسسة أيا كانت سواء مطعم أو مشغل أو نادي أو أي من المؤسسات الصغيرة عموما ، وتخصيص موظفين لهذا الجانب لأنه هو الوسيلة العالمية للنشر والتسويق الجيد للمؤسسة والتواصل مع الناس إلكترونيا في ظل أزمة كورونا ، منوهة بأن وسيلة التوصيل ضرورية أيضا إذ يجب التعامل مع موثوقين في خدمة التوصيل للمنازل إما عن طريق تطبيق أو أشخاص معروفين حتى لايتوقف العمل أثناء الأزمات ويجب أن يكون لرائد الأعمال في مؤسسته تسويقا إلكترونيا ولديه موصلون للمنتج وهذا يستوجب تعيين موظفين للتسويق الإلكتروني لديهم خبرة في التسويق وصناعة محتوى ووضع فيديوهات للترويج للمنتج سواء داخل السعودية أو خارجها.

وحول المبادرات الحكومية وما يجب على رواد الأعمال عمله ، قالت العصيمي لـ “الريادة” :”حكومتنا الرشيدة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ، حفظهما الله ورعاهما ، هما قدوتنا ونحن نراهم يعملون بحكمة وتأن وروية واهتمام وتقدير و يجب أن نقتدي بهما ونتحلى بالصبر والحكمة في العمل بحيث نعمل بإخلاص وجودة وتميز وعلى أصحاب المؤسسات مراعاة الطريقة الحديثة في الإدارة ” ، مضيفةً :” تعامل قيادتنا مع هذه الأزمة كان قويا جدا ووصل إلى أفضل المستويات على مستوى العالم من خلال التوعية الكاملة للشعب والإجراءات التى تم اتخاذها من أجل التخفيف من هذه الأزمة ، وقد نجحت مبادرات الحكومة في هذا ولله الحمد ، كما قدمت الحكومة خدمات للمؤسسات حتى يكون لها موارد دخل أخرى وعلى رواد الأعمال الاستفادة من هذه الخدمات ومتابعة ما يستجد منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الوزارات والهيئات المختصة مع ضرورة إدارة أعمالنا بشكل كبير جدا عن بعد” .

الولاء والانتماء.. ضرورة

ودعت أصحاب المؤسسات رواد الأعمال إلى ضرورة أن يحققوا الولاء والانتماء عند العاملين من خلال بناء علاقة وطيدة بين رؤساء العمل والموظفين ، مشيرة إلى أن هذا الأمر يحقق عدم تأثر المؤسسة واستمرار الموظفين في العمل حتى لو تم تخفيض الرواتب بسبب تراجع الدخل ؛ لأن الموارد البشرية من أهم الأمور للنجاح ، كما يجب تحفيزهم دائما من خلال ربطهم بالرؤية والرسالة للمؤسسة ودعمهم بحوافز مثل: كوبونات الخصم في المراكز التجارية وبطاقات التأمين مثلا فهم شركاء في النجاح وعندها يقفون مع المؤسسة في الأزمات وهو ما يمنع إشهار المؤسسة إفلاسها .

وفي الأخير ، شددت العصيمي على أهمية الاتجاه إلى ما يحتاجه المجتمع عند تأسيس رائد الأعمال لمشروعه ؛ إذ من الضرورى أن تكون هناك مصانع متنوعة حتى إذا توقف الاستيراد يكون لدينا منتجاتنا بدلا من اتجاه كثيرين لتأسيس مطاعم أو كافيهات.

اظهر المزيد
إغلاق