مقال

مؤشر تجربة المستفيد

إبراهيم بن عبدالله ابابطين
مختص بالتميز المؤسسي

 

تعتبر تجربة العميل هى نتاج التفاعل بين المنشأة وبين العميل خلال مدة علاقتهما، و يتكون هذا التفاعل من ثلاثة أجزاء: رحلة العميل (customer journey)، و نقاط الاتصال (brand touch points) التى يتفاعل معها العميل، والبيئات (Environments) التى يمر بها العميل بما فى ذلك البيئة الرقمية (التحول الرقمي) أثناء تجربته و التي أصبحت الآن من أهم عناصر التنافسية .

و تعرف إدارة تجارب العملاء (Customer Experience Management) على أنها أسلوب عمل يضع التجارب التي يكتسبها العميل من خلال تعامله مع منتجات وخدمات المنشأة في قلب استراتيجياتها وأهدافها، حيث تنتهج إدارة تجارب العملاء أسلوب شامل ومتكامل في كافة الاستراتيجيات والأهداف المتعلقة بالعملاء مثل : بناء ولاء العملاء، رفع مستوى خدمة العملاء ورضا العملاء، زيادة الربحية من العملاء وزيادة قيمة فترة بقائهم ، تنسيق الاجراءات المتعلقة بالعملاء، إضافة القيمة، تحقيق تطلعات العملاء، وتحقيق السمعة الجيدة للمنشأة في أوساط العملاء، ويتطلب هذا الأسلوب كسر جميع الحواجز بين مختلف الإدارات والوظائف داخل المنشأة لتحقيق رضا العملاء وزيادة ولائهم ومن ثم تحقيق التميز على كافة المستويات.

و نظرا لأهمية هذا المؤشر و أثره على المدى البعيد في تقييم المنشآت و رفع الأداء المؤسسي لها ، أطلق المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية (أداء) بدعم وتوجيه من سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس إدارة المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية (مبادرة قياس تجربة المستفيد) في عام 2018 م ، حيث أن المنهجية المتبعة لقياس رضا المستفيد للمركز تعتمد على أربع أدوات وهي:

1- أداة المتسوق الخفي: إحدى أدوات قياس رضا المستفيد عن الخدمات الحكومية المقدمة له من الأجهزة العامة، وتتمثل في عمل زيارات دورية وسرية لمراكز الخدمة التابعة للأجهزة العامة، يقوم بها أشخاص مؤهلون بهدف تنفيذ عمليات تقييم موضوعية وحيادية لمعرفة مستوى مراكز الخدمة، والخدمات المقدمة وتحديد فرص التحسين والتطوير.

2- أداة الاستبيانات: إحدى أدوات قياس رضا المستفيد عن الخدمات الحكومية المقدمة له من الأجهزة العامة، وتتمثل في عمل مسوحات مختلفة تعتمد على التواصل مع مجموعة من المستفيدين للإجابة عن مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالجهة الحكومية ومراكز الخدمة والخدمات ورحلة المستفيد للحصول على الخدمة.

3- مجموعات التركيز: إحدى أدوات قياس رضا المستفيد عن الخدمات الحكومية المقدمة له من الأجهزة العامة، وتتمثل في عقد حلقات نقاش متخصصة لقياس تجربة رضا المستفيدين عن الخدمات الحكومية، والتعرف على تطلعاتهم لتطوير الخدمات المقدمة لهم في المستقبل.

4-تطبيق “وطني”: تطبيق إلكتروني يُمكّن المستفيدين في المملكة من مواطنين ومقيمين وزائرين من المشاركة في تقييم أداء الأجهزة العامة ومستوى رضاهم عن الخدمات المقدمة لهم، وإبداء مقترحاتهم وملاحظاتهم لتحسينها.
و معايير القياس تتمثل في الإجراءات ، السرعة ، المخرجات ، أداء الموظفين ، جاهزية المكان، و النظام الإلكتروني.

و بناء على توجه لقياس تجربة المستفيد ، فيجب على جميع المنشآت الحكومة أن تراجع جميع الإجراءات و الأنظمة و إعادة هندستها ؛ كي تتركز حول المستفيد ، و أن تهتم بالعمل على رضا المستفيد الداخلي و هو الموظف ؛ لأن رضاه و سعادته تنعكس إيجابيا على تعامله مع المستفيد الخارجي من خلال تهيئة بيئة عمل إيجابية و توفير الأدوات اللازمة لتمكين الموظفين من أداء عملهم بشكل يساهم في إثراء تجربة المستفيد.

إن نشر ثقافة تجربة المستفيد داخل المنشأة يبدأ بتثقيف الموظفين بأهمية تجارب المستفيدين و تعريفهم بالخدمات/ المنتجات،  الإجراءات ، و السياسات المرتبطة بالمستفيد و كيفية تنفيذها بالشكل المطلوب ، و تنمية مهارات الإتصال ، وذلك يشمل جميع أنواع الاتصال التي تتم بين المستفيد والموظف من مهارات التحدث والإنصات وتسجيل ملاحظات العميل وامتصاص الغضب وتعابير الوجه وطريقة الجلوس أمام العميل وغير ذلك من مهارات.

هناك أربعة مبادئ إستراتيجية تعتبر هي اللبنات الأساسية التي تقوم عليها تجارب العملاء ومن المهم جداً أن يكون لدى المستهدفين إلمام كامل بهذه اللبنات وهي:

1- الملائمة و هي تسهيل إمكانية تعامل المستفيدين مع المنشأة ومعاملتهم بطريقة متخصصة من خلال :
• تزويد المستفيدين بتجربة الحصول على كافة احتياجاتهم من مكان واحد.
• العمل باستمرار على اكتشاف الطرق التي تقلل من وقت الانتظار.
• توقع احتياجاتهم، وتقدير قيمتهم، وتخصيص مستويات الخدمة والحلول بناء على ذلك.
• تقديم المرونة اللازمة في تقديم الاستثناءات بما يحقق مصلحة الطرفين.

2- التماثل و تعني تقديم تجربة متماثلة وموحدة للمستفيدين بكافة نقاط الاتصال و تشتمل على:
• الإشراف المركزي على تقديم الخدمة بجميع القنواتمع تطبيق إجراءات قياسية موحدة.
• الإشراف على كفاءة وقدرات موظفي خدمات المستفيدين لضمان تقديم تجارب موحدة ومتماثلة.
• تقديم التجارب المفضلة لدى المستفيدين من خلال إبراز المظهر اللائق للموظفين و مراكز تقديم الخدمة.

3- المصداقية و هي تزويد الموظفين المواجهين للمستفيدين بالصلاحيات اللازمة لتمكينهم من الوفاء بالوعود و تتم كالتالي:
• تطبيق مبدأ الاستقامة والشفافية عملياً.
• تقديم الخدمة في الوقت المحدد وبالجودة الموعودة.
• تقديم تعويضات مناسبة للمستفيدين المتأثرين في الحالات النادرة التي لا يتم فيها الوفاء بالوعود وتعميم ملاحظاتهم على مستوى المنشأة للاستفادة منها.
• تقدير ومكافأة الموظفين الملتزمين بتقديم تجارب إيجابية للمستفيدين.

4- سهولة الوصول من خلال تيسير تواصل المستفيدين مع المنشأة، وتحمل المسؤولية والاستفادة من جميع تفاعلات المستفيدين و تتحقق هذه كالتالي :
• ضمان سهولة وصول المستفيدين إلى المنشأة عبر كافة القنوات ولكافة الطلبات وحصولهم على الاستجابة السريعة والمرضية.
• المحافظة على أسلوب استباقي فعّال ،ومتماثل للتواصل مع المستفيدين والتحقق من فهمهم.
• التعرف على معلومات المستفيد عند كل عملية تفاعل.
• الاستفادة من القنوات البديلة بشكل فعال في تقديم الخدمة.

في الختام ، لابد من معرفة أن النجاح في نقل تجربة إيجابية للمستفيد يبدأ من الداخل حيث تكون السياسات والإجراءات المنظمة للعمل معززة لدور باقي القطاعات المشاركة في خدمة المستفيد ، وذلك لتقديم ما يتجاوز توقعاته أثناء تعامله وما يتوافق مع طموحنا لتقديمه له و إشعاره بالتقدير والاهتمام وأنه في رأس قائمة أولوياتنا.

كما أن تجارب المستفيدين تعتبر هي المضمار الحقيقي للتنافس بين المنشآت ؛ لأنها تظهر الوجه الحقيقي لثقافة و بيئة المنشأة.

المراجع:
1- المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية – أداء .
Experience is everything:Here’s how to get it right, Pwc2-

 

اظهر المزيد
إغلاق