الاستثمار في شراء الأسهم في زمن الجائحة
د. وليد خالد بن وبر
منذ بداية الجائحة وحتى اليوم، زاد الحديث في الأوساط التجارية عن الدخول لأسواق المال وشراء الأسهم واستغلال فترة الركود التي تعيشها أسواق المال.
فهل من الجيد الاستثمار في أسوق المال (البورصة) ومنصات تداول الأسهم؟
هذا السؤال في الواقع من أقدم الأسئلة في تاريخ تداول الأسهم وأسواق المال، ومن أفضل من أجاب على هذا التساؤل هو أحد الزعماء لعائلة روتشيلد المالية، التي كانت أغلب قفزاتها المالية في أوقات الكوارث والأزمات والركود. وكانت إجابة البارون روتشيلد عن أفضل أوقات الدخول لأسواق المال وشراء الأسهم، قال: استثمر عندما تكون الدماء في الشوارع، استثمر حتى وإن كانت تلك الدماء دماءك. وتلك هي فرصتك لتحقيق الثروة. وإن كانت العبارة قاسية، لكنها تحمل في طياتها بعض المعاني التي يجب إيضاحها.
هذا الرجل كان متأثراً بحروب نابليون في القرن الثامن عشر الميلادي، وفي أوقات الحروب والكوارث والأزمات كالتي نعيشها اليوم، تنهار أسواق المال بسبب خروج المضاربين منها خوفاً من خسارة أموالهم، وبالتالي تنخفض أسعار الأسهم والسندات المطروحة في تلك الأسواق بسبب تدني الطلب عليها مما سيساهم في تدني قيمة السوقية للأسهم. ومن وجهة نظر البارون روتشيلد أنه بالإمكان الدخول لأسواق المال وتحقيق ثروات لأن المشتري للأسهم يستطيع شراء أسهم قيمة بأسعار متدنية.
لكن هل هذا الكلام دقيق؟، وهل يستطيع الجميع الاستفادة من خلال شراء الأسهم ودخول أسواق المال؟
في الواقع، هذا الكلام واقعي وجيد ولكن يحتاج إلى بعض الإيضاحات حتى لا تكون العواقب وخيمة، ولأنه كلام يوضح احتمالية تحقيق الأرباح فقط ولا يتحدث عن احتمالية الخسارة وهذا الكلام قد يعبر عن نصف الحقيقة فقط.
كان البارون روتشيلد يتمتع بوجد السيولة الكافية والخبرة على التداول دخول أسواق المال. وبذلك كان البارون يستثمر الأموال التي تزيد عن حاجته خلال الأزمات ويحافظ على الجزء الأخر من الأموال لاستخدامه خلال الأزمة في احتياجاته المعيشية.
ولا يعني توفر السيولة لدى الراغب في شراء الأسهم، أنه بالإمكان شراء الأسهم والربح منها ولكن يجب توفر الخبرة الكافية لتحقيق الربح، لأن البارون روتشيلد كان مطلعاً على أسواق المال وقيمة الأسهم قبل انخفاضها، ويعلم طبيعة أنشطة تلك الشركات داخل الأسواق. ويعلم ما هي الأسهم الممتازة التي انخفضت خلال الأزمة والتي بشرائها يمكن تحقيق مستقبلي منها، وبالتالي فهو يعلم الفرص التي يمكن انتهازها وشراء الأسهم، إذاً مالم تكن لديك سيولة كافية وخبرة فنصيحة البارون روتشيلد قد توردك موارد الهلاك.
ماذا افعل إذا لم يمكن لدي خبرة وهناك فرصة للاستثمار في الأسهم؟
من أفضل ما يمكن فعله لتجنب الخسارة، أو التقليل من احتمالية حدوثها لمن لا يملك الخبرة، هي الاستعانة بمن لديه خبرة، كصناديق الاستثمار التي تضارب عن المستثمرين والحصول على نسبة من أرباح تلك الأسهم التي تم شراؤها عن المضارب.
ونصيحتي لمن يرغب في الاستثمار بالتمهل ودراسة المخاطر وعدم إهدار السيولة المالية دون تخطيط مسبق ويجب استيعاب نقطة مهمة جداً هو أن عدم الخسارة هي أقل أنواع الربح في التداول في أسواق المال.