ريادة المرأة

مبادرات رائدات الأعمال السعوديات

مشاريع ناجحة عبر توظيف التقنية بطرق جديدة ومبتكرة

«حققت مشاريع ريادة الأعمال الناشئة التي أسستها المرأة السعودية نجاحاً لافتاً وارتفاعاً ملحوظاً من حيث التنوع والعدد، نسبة للاستغلال الأمثل للمفهوم التقني، مدفوعة ببيئة الأعمال والابتكار، والتنافسية التي وفرتها المملكة، إدراكا منها بمدى أهمية الاستثمار في قدرات النساء السعوديات وتمكين رائدات الأعمال من تأمين مستقبل واعد ورائد لأنفسهن، وبالتالي المساهمة في تنوع الاقتصاد وتنمية المجتمع السعودي وابتكار مصادر دخل جديدة غير تقليدية».
جاء تزايد الاهتمام بريادة الأعمال، لما له من دور كبير واعل في التنمية الاقتصادية للمملكة على المستوى الكلي والحصول على موارد مالية جديدة، غير تقليدية، تسهم في تنوع مصادر الدخل.
وقد دخلت المرأة السعودية مشاريع ريادة الأعمال بقوة، محققة العديد من النجاحات اللافتة، عبر مشاريع ناشئة، خاصةً مع تسارع معدلات التغيير في بيئة الأعمال، فازدادت أهمية هذه المشاريع، بوصفها أحد الخيارات التي لجأت إليها المملكة للتكيّف والتواؤم مع متطلبات المنافسة والتغيير لتحفيز التنمية الاقتصادية، تحقيقا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تشجع وتحفِّز على ابتكار مصادر دخل جديدة، لدعم وتعزيز تنوع الاقتصاد الوطني.
نماذج مضيئة
تبرز تجربة المرأة السعودية في الواقع الاستثماري السعودي بشكل لافت، حيث حازت مساهمة النساء في الشركات الناشئة مساحة مقدّرة وذلك بعد أن تسلحن بالمهارات والآليات اللازمة للتقدّم والنجاح تمهيدا لقيادة قطاع ريادة الأعمال.
والنماذج التي تثبت نجاح النساء في قطاع ريادة الأعمال المرتكز على الابتكار والمنافسة كثيرة ومتنوعة، حيث استطاعت رائدات الأعمال السعوديات إبراز المؤشّرات بمقدرتهن على توسيع نطاق الأعمال وتسريعها، إسهاما منها في تعزيز الاقتصاد وتنميته، وهناك عدد من هذه النماذج الناجحة نستعرضها في المساحة التالية.
 «قطوف الريادة»
تعــــــــــــــــد شركــــــــة «قطــــــــــــوف الريـــــــــــــــــــــــــــــادة»
« Qotuf Alriyadah Development» فلات 6 لابس،  إحدى مشاريع ريادة الأعمال الناجحة التي جاء تأسيسها من قبل رائدة الأعمال طوبى تركلي مع شريكها الدكتور غسان بن أحمد السليمان، حيث قاما بأول أسبوع لريادة الأعمال في عام 2013م لتشغيل أول مسرِّعة أعمال في المملكة، وأول صندوق استثماري في رأس المال الجريء. ثم بعد أن اكتسبت الخبرة في تطوير الأعمال الدولية والاستثمارات، ركّزت على الرؤى المستقبلية والابتكار وتطوير التقنية والاستثمارات في أسهم الملكية. ونجحت طوبى في تأسيس هذه الشركة وغيرها من المبادرات الأخرى التي توفر الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال. وتسنّمت بالإضافة إلى منصب الشريك المؤسس والرئيس المؤسس في شركة «قطوف الريادة» موقع مستشار المحافظ في «الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت»، والمفوض السامي للمملكة العربية السعودية في «منتدى ملائكة الأعمال العالمي» والمدير العام والشريك المؤسس في «Lead Angles» في المملكة العربية السعودية.
إنجازات لافتة
في أحد اللقاءات أوضحت تركلي أنّ المشكلة التي واجهت مشروعها في البداية كان عن كيفية توظيف الشباب واستثمار طاقاتهم، ووفقا لذلك ركّزت في مشروعها على أمرين هما التخطيط للمستقبل، ونشر الوعي عن المهارات التي يفتقر لها الشباب الراغب بدخول عالم الريادة، كالإصرار، وتقبّل الفشل والتعلّم منه، بالإضافة إلى تقدير العمل والمبادرة. قامت الشركة بأول دراسة تبحث صلاحية السوق السعودي لإنشاء بيئة مستدامة لريادة الأعمال، وأول دراسة تبحث فرص الترخيص والتوكيل (Franchising) والأنظمة الخاصة بها في السوق السعودي، وأول دراسة سعودية للعمل من المنزل ودور الأسر المنتجة، وفي مجال التسويق الإلكتروني.
وقد حقق مشروع «قطوف الريادة» عدداً من الانجازات أهمها تخريج 30 شركة ناجحة مع حصول أكثر من 50% منها على الاستثمارات بعد التخرج. فضلاً عن تمثيل المملكة في مختلف المحافل والمنتديات العالمية كالـ (B20) وملتقى ريادة الأعمال العالمي في عشرات الدول.
«العايد» رائدة
صناعة العلاقات العامة
تُعدُّ سارة العايد السيدة السعودية الأولى التي اخترقت عالم العلاقات العامة والتنظيم بالمملكة، حيث بدأت عملها بمكتب صغير يديره ثلاثة أشخاص. وعُرفت برائدة صناعة العلاقات العامة على مستوى منطقة الخليج، وهي أيضا رئيسة مسابقة، ولقاء ريادة الأعمال بالتعاون مع الغرفة التجارية الصناعية بجدة. في نوفمبر 2014م تم اختيار سارة العايد كأحد سفراء يوم رائدات الأعمال العالمي، تمثيلاً للمملكة العربية السعودية.
أسست سارة بنت عايد بن محمد العايد، مع أخيها محمد العايد عام 1998م، شركة «تراكس»، «TRACCS»، في مدينة جدة لتصبح إحدى أكبر الشبكات في مجال العلاقات العامة والاتصال المؤسسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعمل لديها 230 موظفا متخصصا بالعلاقات العامة من خلال 14 مكتبا في 13 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تطوير أسلوب التواصل
وكشفت سارة أنّها عملت على تأسيس أبجديات التواصل، والتي تهدف إلى تطوير أسلوب ومعايير التواصل وبناء الذات لدى فئة الشباب لتأهيلهم لدخول مجال الأعمال، بصفتها مدربة مختصة في آلية التواصل والإتيكيت للحياة العملية والخاصة للنشء، ولها دور بارز من خلال تقديم الاستشارات والمساندة في وضع خطط وإستراتيجيات للشركات لبناء إدارة التواصل والعلاقات العامة.

من انجازات شركة «تراكس»، أنّها تُحظى سنوياً بأكبر عدد من الجوائز المرموقة في عالم صناعة العلاقات العامة، مثل جائزة تقرير هولمز العالمي لعام 2011 و2012 و 2013، الرائد في صناعة العلاقات العامة، والذي أدرج شبكة «تراكس» ضمن قائمة «أفضل 100 شركة علاقات عامة مستقلة في العالم».  وتسعى لأن تصبح مدينة جدة السعودية، مركزا لإنشاء وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي، وقد أطلقت مبادرة لدعم رائدات الأعمال والمشروعات النسائية.
سفانة دحلان و«Tashkiel»العالمية
تواصلت جهود رائدات الأعمال السعوديات في ابتكار مشاريع ريادية ناشئة، فأطلقت المحامية سفانة دحلان وهي واحدة من أبرز رائدات الأعمال السعوديات شركة «تشكيل العالمية»، «Tashkiel» كشركة استشارية، تختص حاليا بتطوير البرامج والمبادرات المحلية، بهدف خلق تأثير إيجابي على المستوى الاجتماعي، ورعاية أصحاب المشروعات الإبداعية في مجال الاقتصاد الإبداعي في المملكة. وتُعدُّ سفانة دحلان من مؤسسي المبادرة السعودية الوطنية للإبداع، وسفيرة يوم ريادة الأعمال النسائية في المملكة العربية السعودية منذ عام 2014م. وهي أول سعودية تشارك في زمالة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، وتم تكريمها في منتدى الاقتصاد العالمي كـ «قائد عالمي شاب».
لسارة العديد من الكتابات حول قضايا التبادل الثقافي والقطاع الإبداعي السعودي، وهي أول زميلة سعودية في زمالة الأمم المتحدة، حيث عملت محاضرة ومتحدثة فاعلة دوليّا وإقليميّا. كما تم اختيارها في عام 2011م للمشاركة في برنامج هارفارد التنفيذي «القيادة من أجل المستقبل»، أطلقت مؤخرا المبادرة الوطنية السعودية للإبداع، وهي مبادرة تنموية وتأهيلية وبحثية من تصميم الغرفة الإبداعية، مستقاة من الرؤية الإستراتيجية الوطنية للمملكة للتحول نحو اقتصاد المعرفة بحلول عام 2030م.
لطيفة الوعلان ومشروع «Yatooq»
أما رائدة الأعمال السعودية لطيفة الوعلان، مهندسة المعلوماتية، فقد  أسست عام 2008م شركة يتوق «Yatooq»لإنتاج القهوة العربية وفي عام 2011م قامت  بتطوير الشركة واختراع أول آلة لتسهيل وتسريع عملية إعداد القهوة العربية وسجلت براءة اختراع لها.
وبما أنّ القهوة العربية هي أكثر أنواع القهوة شعبية في السعودية ومنطقة الخليج العربي، فإنّ الوقت المُستقطع لتحضيرها والذي عادة ما يستغرق من 20- 30 دقيقة، بالإضافة إلى أكثر من 10 خطوات إضافةً إلى مقادير عديدة مختلفة، قد شكّل هاجسا لها خاصة في أيام دراستها للماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكّدت لطيفة في مقابلاتها العديدة أنّ هذه المشكلة كانت سببا في فكرة مشروعها وتقنيتها، حيث بدأت بعدها بالبحث وسؤال الخبراء، ومقابلة أصحاب المحامص والمصانع، مبينةً أنّها توصّلت لطريقةٍ تجعل تحضير القهوة سهلًا لأي أحد، بشكل تقنيٍّ وليس يدويا، حتى نجحت في إطلاق أول دلّة أوتوماتيكية للقهوة العربية، وهو ما دفع حاضنة « بادر للتصنيع المتقدم» لاحتضان الجانب التقني في فكرة مشروعها القائم على تصنيع أول دلة أوتوماتيكية لتحضير القهوة.
أصغر رائدة أعمال وشركة «Blossom»
إيمان عبد الشكور هي واحدة من أصغر رائدات الأعمال السعوديات، حيث نجحت في تأسيس «بلوسوم»، «Blossom» وهي «مسرّعة بلوسوم للأعمال» تهدف إلى تمكين الشركات النسائية في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط  وشمال إفريقيا من خلال خلق فرص عمل جديدة، وربط رواد الأعمال بمجال التقنية.
ذكرت إيمان أنّها حين بدأت التفكير بـ «مسرّعة بلوسوم للأعمال» لم تكن تجد أماكن دعمٍ كافية لجيل الرواد، وبالذات للشابات السعوديات اللواتي يعانين من المعوقات والتحديات، ولجأت الى تأسيس مسرّعة تعطي دافعا لكل شابة كي تعزّز ثقتها بنفسها، وتقدّم لها الاستشارات في التسويق والأمور المالية والقانونية، بعدما حصلت من هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على تصريح عمل في المملكة العربية السعودية. ولمسرعة الأعمال «Blossom» عدة مبــــــــ ادرات منها مبادرة تحت عنوان «على قد الثقة»  تساعد الشابات في الجزء المهني ليتقدّمن في العمل، ذلك أنّ من أهم أهداف المبادرة زيادة الثقة في النفس، وأن تقدّر كل شابة نفسها، فالثقة بالنفس هي الطريق إلى النجاح.
مزيد من الفرص
من وسط هذه النماذج المليئة بالكثير من التحديات وأسرار النجاح والتي واجهتها رائدات الأعمال بعزيمة وإصرار،  فقد أجمعت رائدات الأعمال على أنّ الطريق لم يكن مفروشا بالورود أمامهن، فلتحقيق النجاح والوصول إليه واجهتهن عدد من المصاعب، فمنهن من فشل في المرة الأولى، ولكنه كان الفشل الذي يعقبه النجاح بالاستفادة من الأخطاء والقصور والجسارة على مجابهة التحديات وتذليلها.
مستقبل واعد لرائدات الأعمال
من هذه النماذج المشرقة يتبيّن لنا تركيز شابات الأعمال على المشاريع التي تتواءم مع رؤية المملكة والتحول الرقمي وتحقيق الابتكار لا سيما في علم البيانات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والترفيه والسياحة، مما يدلُّ على أنّ المستقبل الواعد لهذه المشاريع وغيرها، يقوم بالتركيز على التقنية بربط الواقع بالمستقبل. وقد استعانت مراحل هذه المشاريع وغيرها باستقاء الاستشارات والإرشاد والتدريب مما سبقها من رواد وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مما يدلُّ على أنّها تقف على أساس وتتزود ببرامج التحوّل الوطني، المنبثقة عن رؤية المملكة 2030 لدعم الاقتصاد المعرفي والتنمية المبنية على منظومة الابتكار وريادة الأعمال.
اظهر المزيد
إغلاق