صورة وقصة | صاحبة الفضل في اختراع الـ (GPS).. عالمة رياضيات حاربت الفقر بالعمل جليسة أطفال وهذه قصتها مع الجيش الأمريكي

الرياض – الريادة

من منا لا يستخدم (GPS) في تنقلاته لإرشاده إلى الطرق والأماكن، لكن كثيرين لا يعرفون من هو الشخص الذي ابتكر نظام تحديد المواقع العالمي هذا؟.. وكيف توصل إلى ابتكاره هذا؟

تقول المعلومات إن الفضل في ذلك يعود للسيدة غلاديس ويست..فمن هي وما قصة ابتكارها؟

ولدت ويست عام 1930 في دينويد مقاطعة فيرجينيا، في مجتمع ريفي تمتلك فيه عائلتها مزرعة صغيرة، وكانت محاطة بالعمال المزارعين وعمال مصانع التبغ، فقررت على الفور أن البقاء والعمل في فرجينيا الريفية ليس المستقبل الذي تريده لنفسها وأيقنت أن التعلم هو مفتاحها للخلاص من المزرعة.

عندما كانت ويست في طريقها للتخرج من المدرسة الثانوية ، كانت العقبة الوحيدة التي تمنعها من التعليم العالي هي العقبة المالية. بذل والداها قصارى جهدهما للادخار ، لكن دعم عائلة بأكملها على أجر مزارعة لم يترك الكثير لتعليم ويست. بدأت ويست مجالسة الأطفال للمساعدة في الادخار ، ولكن في النهاية ، أحدث أدائها الأكاديمي المتفوق الفارق ، وتخرجت في المدرسة كطالبة متفوقة عام 1948.

قررت ويست التخصص في الرياضيات في جامعة فرجينيا، حيث كانت عضوًا في النادي النسائي ألفا كابا ألفا alpha kappa alpha، وبعد تخرجها بدرجة البكالوريوس، تعمقت في دراسة العلوم والرياضيات في مدينة ويفرلي “Waverly” سنتين قبل عودتها إلى فرجينيا لنيل درجة الماجستير في الرياضيات والتي حصلت عليها عام 1955.

وعندما حصلت على وظيفة في قاعدة تابعة للبحرية الأميركية في العام 1956، كانت واحدة من أصل أربعة فقط من العاملين الأميركيين من أصل أفريقي فيها،حيث عملت على تحليل بيانات الأقمار الصناعية، في البداية كانت كالحاسوب تجري العمليات الحسابية بنفسها ولكن انتقلت إلى العمل باستخدام برامج حاسوبية.

في بداية الستينيات عملت على دراسة فلكية ضخمة أثبتت فيها أن هناك انتظامًا نسبيًّا بين حركة بلوتو ونبتون، فلكل حركتين مداريتيين يدورهما بلوتو، ثلاث حركات مدارية يدورها نبتون، وأطلقت على هذه الظاهرة اسم”الرنين المداري”. ولاحقًا انضمت ويست لمشروع رادار السيسات “Seasat” لقياس الارتفاع وشغلت منصب مدير المشروع.

قبل مشروع السيسات كانت القياسات الدقيقة للمسافات على سطح الأرض أو بين الأرض وعنصر آخر أمرًا شبه مستحيل وذلك لأن الأرض ليست كروية تمامًا مما يجعل حساب هذه المسافات بمثابة تحدٍ. كان للمحيطات الدور الأكبر في عدم انتظامية شكل الأرض، ولهذا يعدُّ فهم التغيرات في مستوى البحر خطوة مهمة في نمذجة شكل الأرض.

تميَّز “السيسات” بكونه أول قمر صناعي يستطيع أن يتحسس المحيطات عن بُعد، مستخدمًا راداره لقياس المسافات بينه وبين سطح المحيطات على الأرض.
استخدمت ويست المعلومات المُرسلَة من السيسات ومن أقمار صناعية أخرى لتحسين التفاصيل المتراكمة عبر السنين والنماذج الرياضية الدقيقة لشكل الأرض الفعلي. هذا الأنموذج الحسابي والذي عُرِف باسم geoid حسّن لاحقًا وعلى نحو أساسي نظام تحديد المواقع الحديث GPS لأن التقنيات الحديثة تعتمد عليه في تحديد موقع جهاز الاستقبال.

تقاعدت ويست عام 1998، بعد 42 سنة قضتها في العمل في دالغرين، وعانت جلطة دماغية بعد خمسة أشهر من التقاعد، ولكنها لم تستسلم للمرض، وتعافت واستعادت ما خسرته من قدرتها الحركية عن طريق التحاقها بصفوف في الرقص العلاجي YMCA المحلية مع زوجها، وكان هدفها الكبير بعد ذلك هو الحصول على الدكتوراه في الإدارة العامة، وفعلًا حصلت عليها من جامعة فيرجينيا التقنية عام 2018.

على الرغم من إنجازاتها ومسيرتها المهنية الطويلة مع الجيش الأمريكي، فإن دورها في تطوير تكنولوجيا GPS بقي غير معروف حتى شاركت بسيرة ذاتية قصيرة لها في حدث مخصص لتكريم أعضاء النادي النسائي ألفا كابا ألفا، والتي تضمنت فقرة قصيرة عن كيفية انضمامها إلى فريق تطوير تكنولوجيا GPS ولفتت النظر نحو ذلك واحدة من أخواتها في النادي والتي كانت مصممة على مساعدة ويست.

في بداية 2018 غطت الصحافة المحلية قصة ويست، وبعد ذلك اعترف جيش الولايات المتحدة الأمريكية رسميًّا بإنجازاتها، عبر بيان رسمي أصدرته إدارة القوات الجوية الأمريكية، واحتفلوا بويست لأنها كانت “الجندي المجهول” في تاريخ الجيش.إذ عملت ويست من العام 1956 حتى تقاعدها في العام 1998، مع فريق من المهندسين في قاعدة تابعة للبحرية الأميركية في دالغرين بولاية فرجينيا؛ حيث، كانت تقوم بتسجيل مواقع الأقمار الصناعية وإجراء عمليات حسابية رياضية معقدة أدت إلى ابتكار نظام دقيق إلى حد كبير جدًا لتحديد المواقع الجغرافية.

وفي مقابلة أجراها معها موقع شيرأميركا، ذكرت ويست مشاريعها المبكرة الخاصة ببيانات الأقمار الصناعية، وقالت إنها استمتعت بالعمل مع المهندسين والعلماء في حقبة الخمسينيات والستينيات لأنهم كانوا يعالجون المشاكل الحقيقية التي تواجه بلدنا. وقالت إن زملاءها “كانوا خبراء في مجالاتهم وبإمكانهم أن يروا ما هو مطلوب في المستقبل”.

وقد أشاد النقيب في البحرية الأميركية غودفري ويكس، وهو ضابط سابق في قسم مركز الحرب السطحية في منطقة دالغرين، بالإنجازات التي حققتها ويست، في رسالة كتبها في العام 2017 عن شهر تاريخ السود.

وقد كتب قائلا، “لقد تدرجَت في الرتب العسكرية، وعملت على علم قياسات الأرض بواسطة الأقمار الصناعية (العلم الذي يقيس حجم وشكل الأرض) وساهمت في دقة نظام تحديد المواقع وقياس البيانات الواردة من الأقمار الصناعية. فعندما بدأت غلاديس ويست حياتها المهنية كعالمة رياضيات في دالغرين في العام 1956، لم تكن لديها أية فكرة على الأرجح بأن عملها سيكون له أثر إيجابي على العالم لعقود قادمة”.