تقاريررئيسيصدى الأخبارمال وأعمال

صراع النفط يشتعل.. أمريكا تفرج عن 50 مليون برميل من الاحتياطي .. السعودية تؤكد البدء في بناء مخزونات اعتبارا من ديسمبر.. وتوقعات بقفزة في الأسعار تصل لـ100 دولار

الرياض – الريادة

اشتعل صراع النفط في العالم وسط توقعات بحدوث قفزة في أسعار “الذهب الأسود” رغم قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس بالإفراج عن 50 مليون برميل من احتياطي النفط الاستراتيجي للولايات المتحدة.

ويأتي هذا القرار لمواجهة ارتفاع أسعار النفط، الذي يصعد بأسعار البنزين داخل الولايات المتحدة، وذكر البيت الأبيض أمس أن الإجراء سيتيح ما يصل إلى 50 مليون برميل يوميا من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي.

وأوضح أنه سيقرض أو سيفرج عن كميات من الاحتياطي النفطي الأميركي بالتنسيق مع إفراج من الاحتياطي من جانب الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا، فيما أكد البيت الأبيض أن بايدن مستعد لاتخاذ خطوات أخرى فيما يتعلق بأسعار النفط إن لزم الأمر.

وتشير التقديرات إلى أن حجم الاحتياطي الإستراتيجي للولايات المتحدة يبلغ حوالي 606 ملايين برميل مخزنة في كهوف بـ4 مواقع شديدة الحراسة على سواحل لويزيانا وتكساس، وتكفي هذه الكمية لسد الطلب الأميركي لفترة تزيد على الشهر، وتحتفظ الولايات المتحدة أيضا بكميات صغيرة من وقود التدفئة والبنزين في شمال شرق البلاد.

وعقب إعلان البيت الأبيض عن هذا القرار أمس، عاكس أسعار النفط الخطوة الأمريكية، حيث سجلت عقود النفط تعافيا من خسائرها وتحولت إلى الصعود من جديد، حيث ارتفع خام برنت أكثر من دولار إلى 81.1 دولارا للبرميل، فيما ارتفعت عقود الخام الأميركي بنحو دولارا إلى 77.76 دولارا للبرميل.

من جانبها، أعلنت كل من اليابان والهند وكوريا الجنوبية عن خطط للسحب من احتياطياتها الاستراتيجية لمواجهة ارتفاع الأسعار، فيما أشارت الصين إلى تحركات مماثلة، وأن التفاصيل بشأن حجم وتوقيت السحب من احتياطيات النفط ستتقرر بعد مناقشات مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين.

فيما قال متحدث باسم حكومة المملكة المتحدة إن بريطانيا ستسمح بسحب طوعي من احتياطيات النفط لدى القطاع الخاص استجابة لمسعى سحب عالمي من الاحتياطيات النفطية تقوده الولايات المتحدة، وأضاف في بيان «إذا اختارت شركات استخدام هذه المرونة فإنها ستفرج عما يعادل 1.5 مليون برميل من النفط، وهذا لا يؤثر على احتياطيات النفط للمملكة المتحدة التي هي مرتفعة بشكل كبير عن مستوى التسعين يوما الذي تطلبه وكالة الطاقة الدولية».

بدورها، أعلنت الهند الإفراج عن 5 ملايين برميل يوميا من احتياطياتها من النفط الخام بالتنسيق مع مشترين آخرين من بينها الولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية، حيث قال بيان حكومي أمس، ان هذه الخطوة جزء من جهود يقودها الرئيس الأميركي جو بايدن للإفراج المنسق عن المخزونات، والتي ينظر إليها على أنها تحذير لمنظمة أوپيك وحلفائها (أوپيك+) من ضخ المزيد من النفط لمواجهة التضخم المتزايد في الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وغيرها.

وقالت الحكومة إن الإفراج عن 5 ملايين برميل سيحدث بالتوازي وبالتشاور مع مستهلكي الطاقة العالميين الرئيسيين الآخرين بما في ذلك الولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا دون تحديد الإطار الزمني للإفراج.

وفي مقابل هذه الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة وبعض حلفائها، قال «الكرملين» أمس إن روسيا لاتزال ملتزمة بالوفاء بتعهداتها في «أوپيك+»، وإن الرئيس فلاديمير بوتين ليس لديه خطط للاتصال بشركاء بلاده في هذه المجموعة على الرغم من الحديث عن لجوء دول مستهلكة رئيسية إلى احتياطياتها النفطية الاستراتيجية.

في هذا السياق، قال الخبير في استراتيجيات الطاقة نايف الدندني، في مقابلة مع قناة “العربية”، إن لجوء الدول الكبرى إلى احتياطياتها الاستراتيجية من النفط يعد أداة مرحلية غير استراتيجية لا تتمتع بتأثير على المدى الطويل، وتأثيرها سيكون مؤقتا ومحدودا على الأسعار.

وأوضح الدندني أنه بمجرد انتهاء عملية السحب من الاحتياطي ستشهد الأسواق ارتفاعا في الأسعار، بسبب أنه سيتم إعادة تعويض هذه المخزونات وبالتالي زيادة الطلب على النفط.

وذكر أنه سيتم إعادة بناء المخزونات النفطية مرة أخرى، مشيرا إلى أن هذه المخزونات تكونت بأسعار رخيصة أثناء الحرب الشرسة على الحصص النفطية في النصف الأول من 2020. وأضاف أن تكتل دول المخزونات الاستراتيجية الذي يريد أن يسحب دفعة من الاحتياطيات وينسق الجهود حتى يؤثر على الأسعار قد لا يستمر طويلا.

وعما إذا كان سيستمر التنسيق بين هذا التكتل، أشار إلى أن هناك تنافسا سياسيا واقتصاديا شرسا بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى أن دول التكتل لن تستطيع السحب من المخزونات على مدى طويل وتحتاج إلى إقرار تشريعات تسمح بالأمر.

وتوقع أن يواجه رئيس الوزراء الياباني معضلة كبيرة في تبرير السحب من احتياطيات النفط، لأنه لا توجد كوارث طبيعية أو أزمة نقص في الطاقة.

وكان وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان أكد أن مجموعة أوبك بلس تفي بواجباتها تجاه أسواق النفط، متوقعا الاستمرار بالزيادات المتفق عليها بأربعمئة ألف برميل كل شهر وسط إشارات بأن المخزونات سترتفع ابتداء من ديسمبر.

وأوضح ، في تصريحات سابقة، أن الزيادة التدريجية في إنتاج النفط هي الإجراء الصحيح، موضحا لدى انتهاء الاجتماع الأخير لتحالف “أوبك+” في الرابع من الشهر الحالي: سنبدأ بناء مخزونات اعتبارا من ديسمبر، وسيشهد الربع الأول بناء مخزونات هائلة.

من جهته، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي امس إنه لا يرى منطقا في أن يورد بلده الخليجي العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوپيك) مزيدا من النفط للأسواق العالمية في حين تشير كل الدلائل إلى أن الربع الأول من العام المقبل سيشهد فائضا نفطيا.

وفي حديثه للصحفيين، وصف المزروعي تحركات الولايات المتحدة للإفراج عن نفط خام من الاحتياطي الاستراتيجي الخاص بها بالتنسيق مع دول آسيوية رئيسية أخرى مستهلكة للطاقة في محاولة لخفض أسعار الطاقة المرتفعة بأنها مسألة تخص كل دولة.

وقال «نطلع على جميع البيانات الفنية وكلها تشير إلى أن الربع الأول من العام سيشهد فائضا، وبالتالي لا يوجد منطق في زيادة إسهاماتنا»، وأضاف أنه لا داعي للقلق بشأن الإمدادات في الربع الثاني من العام.

وتابع أن أوپيك وحلفاءها، «أوپيك+»، سيعقدون اجتماعا في الثاني من ديسمبر المقبل وإن القرارات ستعتمد على تحقيق التوازن بين العرض والطلب.

في سياق متصل، توقع “ستيفن شورك” محرر الخدمة التي تحمل الاسم نفسه والتي توفر تحليلات حول سوق الطاقة، ارتفاع سعر الخام إلى 100 دولار للبرميل في الربع الأول من 2022.

وقال “شورك” في تصريحات لشبكة “CNBC”، إنه على الرغم من قرار الولايات المتحدة بسحب 50 مليون برميل من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لديها بالتنسيق مع عدد من الدول من بينها الصين والهند فإن الأسعار قد ترتفع.

وأضاف: “لن تنجح هذه الإجراءات في كبح الأسعار، لأن الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لدى أي دولة ليس موجودًا لمحاولة التلاعب في الأسعار، لكنه يعوض اضطرابات الإمدادات قصيرة الأجل وغير المتوقعة”، مشددا على أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 100 دولار للبرميل في حالة كان شتاء نصف الكرة الشمالي باردًا في العام الجاري.

وخفض “شورك” من أهمية الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة، إذ أشار إلى أن اتجاهها لسحب 50 مليون برميل من الاحتياطي لديها، واحتمالية اتجاه شركائها لسحب مستوى 50 مليون برميل إضافي يعادل يوما واحدا فقط من مستوى الطلب العالمي على النفط.

اظهر المزيد
إغلاق