مقال
أخر الأخبار

أركان الحوكمة الستة

سلطان سعود السجان

تختلف أركان الحوكمة باختلاف أربابها وصناعها وذلك أن الحوكمة كمفهوم ومنهجية لم يتم تطويقه ولا السيطرة عليه حتى تاريخه. فالحوكمة– من باب التشبيه – عبارة عن كائن عظيم ينمو ويكبر بشكل متسارع في هذا الزمن ولم يستطع عبقري أو منظمة أو حتى الأمم المتحدة بصنع طوق للتحكم به وكلما ظنوا انهم صنعوا الطوق لتطويق رقبة الحوكمة وجدوا أن الحوكمة قد كبرت وعظمت وتحتاج إلى طوق أكبر. قد تكون من أشهر الأمثلة على اختلاف أركان الحوكمة باختلاف أربابها هي الحوكمة الرشيدة المكونة من تسعة عناصر “أركان” لحوكمتها و أيضاالبنك الآسيوي للتنمية أربعة ركائز “أركان” لحوكمة الدول المرتبطة بها ولدى البنك الأفريقي للتنمية أربعة مبادئ “أركان” خاصة بالدول المعنية بنشاطات ذلك البنك وغيرها من ذلك دواليك.

وأركان الحوكمة الستة فربها هو البنك الدولي والذي تبنى في عام 1996 هذه الأركان التي وضعها العالمان كوفمانو كريي وصارت كمؤشرات تقاس كل عامين على جميع الدول التي يستطع البنك الحصول على بياناتها ثم أصبحت تقاس بشكل سنوي. وأركان الحوكمة الستة هي تلك المؤشرات الرئيسية الصادرة من ذلك البنك وتعرف عالميا بـ “مؤشرات الحوكمة العالمية” ويندرج تحت تلك المؤشرات الستة قرابة 140 مؤشر فرعي.

قد أتفهم الآن أن بعضا من القراء الأعزاء قد نفد صبره من عدم ذكري للأركان الستة ولكني أحببت ان أضيف للشوق شوق وسأذكرها الأن إرضاء للجميع. الركن الأول للحوكمة هو المسألة والمشاركة ويقصد بها أولا هو تحديد الأدوار وتوزيع المسؤوليات من خلال تحديد دور ومسؤولية المشرع ودور ومسؤولية المنفذ ودور ومسؤولية المراقب ثم ربط المشرع بأصحاب المصلحة في المشاركة في صناعة واتخاذ القرار. أما الركن الثاني فهو محاربة الفساد وأهميتها ظاهرةً في عنوانها لأن الفساد وبكل بساطة هو تعطيل للتنمية وخراب للأمم. وبالنسبة للركن الثالث فهو فاعلية الحوكمة ويقصد بها فاعلية المنفذ للتشريعات والأنظمة التي وضعها المشرعون في أي دولة مثل البرلمانات كجهة تشريعية في دولة ديموقراطية أو كمجلس الدوما الروسي كدولة اشتراكية. أما ركن الاستقرار السياسي والإداري فهو الركن الرابع التي وضعها البنك الدولي ويقصد به تنفيذ الخطط الاستراتيجية للدول باستمرارية دون انقطاع وسهولة تداول السلطة وغيرها من الأمور المساعدة على استقرار الحكومات في الدول وليس شرطاً أن تكون انقلابات سياسة أو حرب أو غيره. ثم يأتي الركن الخامس وهو جودة التشريعات والتي يقصد به شمولية وكفاءة التشريعات الموضوعة في تلك الدول والمساعدة في رفع مستوى التنمية في البلدان. وأخيرا هو ركن سيادة القانون وآليته دراسة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للدول مثل غياب الطبقية بين أفراد المجتمع وتساوي الأعراق والأديان والمذاهب والمواطن والمقيم أمام القضاء وأيضا تساوي الخدمات المقدمة لهم من الحكومة.

قد وعدتكم في المقالة السابقة بأني سأتحدث عن أدوات الحوكمة في بعض دول الخليج وأنا عندي وعدي ولكن رأيتُ أنه من الأنسب التحدث عن أركان الحوكمة قبل الخوض في أدوات الحوكمة وأشكر لكم جميل صبركم وحسن قراءاتكم لهذه المقالة.

وتحياتي،

دكتوراه حوكمة في القطاع العام -2021

اظهر المزيد
إغلاق