مقال

الآن نطمئن.. القطاع الثالث قادم!

عبدالوهاب الفايز

في شهر الخير والحسنات نرى الصورة المشرقة لبلادنا تتجدد وتتطور، وتجعلنا نطمئن على قاعدة الخير والإحسان.

منصة (إحسان)، التي أطلقت مشروع التبرعات مساء السبت الماضي، تدشن حقبة جديدة حافلة بالتطورات النوعية التي تؤكد التوجه الحكومي الجاد لبناء منظومة متكاملة للقطاع الثالث السعودي حتى يحقق المستهدف منه في (رؤية المملكة 2030).

هذه الحقبة حفلت بظهور العديد من الكيانات والمبادرات. والمنصة الوطنية للعمل الخيري (إحسان) التي أطلقتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) مبادرة نوعية جديدة لدعم القطاع الخيري في المملكة.

القطاع الخيري معاناته الأساسية هي ضعف الاستدامة المالية، والأوضاع التي ترتبت على جائحة كورونا كشفت هذا الضعف المزمن في القطاع الخيري السعودي، فهناك المئات من الجمعيات الخيرية توقف نشاطها نظرًا لتوقف الدعم المالي مما يجعل برامج الاستدامة المالية وتطوير آليات الدعم المالي وتطوير الأعمال في مقدمة احتياجات القطاع الخيري. المنصات الرقمية الحديثة تقدم هذه الآلية التي تيسر الطريق للوصول إلى (الدعم القليل المستدام).

(إحسان) منصة تضع بين أيدينا منافع عديدة للقطاع الخيري، منها إيجاد الآلية العملية لجمع التبرعات الوطنية، مع تقديم العديد من الخدمات والبرامج. والأمر المهم أنها سوف (تجمع المنصات الوطنية المعنية بالتبرع على مستوى المملكة، وستؤدي دورًا تكامليًّا، يدعم المؤسسات والجمعيات الخيرية وغير الربحية؛ لتساعدها على تحقيق أهدافها). وسوف تعزز المسؤولية الاجتماعية، مع دعم التوجه الحكومي لأخذ القطاع الخيري إلى تسريع التحول في عمله إلى (التمكين)، والخروج من هيمنة الأنشطة والبرامج الرعوية التقليدية.

ومما تستهدفه المنصة -حسب القائمين عليها- هو (الارتقاء بقيم الانتماء الوطني والعمل الإنساني لدى الأفراد أو المؤسسات على حد سواء). والأهم أنها سوف توفر آلية متطورة ومتقدمة لرفع (درجة الموثوقية والشفافية والسهولة في جمع التبرعات)، وسوف تساهم في تنظيم ونشر ثقافة العمل التنموي، كما ستأخذ المنصة على عاتقها تكريم المتميزين في العطاء التنموي بشكل دوري.

أيضًا مما تستهدفه حفظ جهود المتبرعين وأصحاب الخير، كما ستعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه المتبرعين فيما يتعلق بإجراء الحوالات البنكية للجهات غير الربحية، وستعمل في الوقت نفسه على تنظيم بوابات الدفع المخصصة للتبرعات الإلكترونية، وستسهل رصد ومتابعة عمليات التبرع كافة، وتحسّن الرقابة عليها لضمان ذهابها لمستحقيها، إضافة إلى الاهتمام بالمتبرع، وتكثيف التواصل معه لتزويده بأحدث المستجدات المتعلقة بأنظمة ولوائح التبرع في المملكة، وتعريفه بالقنوات المختلفة التي يمكنه استخدامها لدعم المنظمة أو المؤسسة المفضلة لديه.

فعلاً، أهداف مهمة عديدة، وقابلة للقياس، نتطلع لتحققها؛ فالقطاع الخيري السعودي يواجه تحديات رئيسية.

هذه التحديات – بالذات قلة الموارد المالية المستدامة والموارد البشرية المحترفة، وعدم تناسق السياسات والتوجهات الحكومية تجاه القطاع الخيري – هي التي دفعت بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إلى إنشاء كيانات ترعى مصالح القطاع.

فبعد إنشاء مجلس الجمعيات التعاونية تم تأسيس مجلسَين اعتباريَّين، هما مجلس المؤسسات المانحة، ومجالس الجمعيات الخيرية. وكذلك تم إنشاء مجلس للجمعيات الخيرية في منطقة الرياض بحكم عدد الجمعيات الكبير في المنطقة.

هذه الكيانات الجديدة سوف تقوم بدور مجلس الغرف السعودية والغرف السعودية لخدمة القطاع الخاص.

أيضًا الحكومة تدعم التوجه إلى تنمية مفهوم وممارسات (الاستثمار الاجتماعي)؛ فهذه الآلية الجديدة سوف تُحدث النقلة الكبرى لعمل القطاع غير الربحي، وسوف توجد الآلية التي تساعد على الاستدامة المالية مع تعظيم الأثر الاجتماعي والإنساني للعمل الخيري. أيضًا التوجهات الحكومية عبر برنامج التخصيص تتجه إلى إسناد الخدمات الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية إلى مؤسسات وجمعيات القطاع الخيري.

أيضًا برنامج ضيوف الرحمن – وهو أحد برامج الرؤية الكبرى الذي يحظى بدعم ومتابعة سمو ولي العهد – يستهدف بقوة إدخال القطاع الخيري ليكون مساهمًا في الحج والعمرة. وهذا يضع المجتمع والحكومة في مشروع واحد متكامل لخدمة ضيوف الرحمن، وهذا مهم لصورة المملكة في العالم الإسلامي، وله أبعاده السياسية والحضارية.

كذلك يتم تفعيل الأوقاف العامة والخاصة لتكون الأداة الرئيسية الملبية لتطلعات وشروط الواقفين. والأوقاف هي بمنزلة (صندوق سيادي وطني) قادر على إطلاق وتبني المبادرات والمشاريع الكبرى.

أيضًا القطاع الخيري السعودي بادر إلى تطوير آليات جديدة للتمويل الإسلامي، مثل (إقراض الزكاة لمستحقيها)، كقرض حسن. هذه التجربة التي انطلقت من مقاصد الشريعة الإسلامية أوجدت برامج ناجحة لدعم مشاريع الجمعيات الخيرية في مناطق المملكة، وقدمت نماذج ناجحة للإقراض الحسن للمشاريع الصغيرة.

كذلك منصة (جود الإسكان) أثبتت أهمية تفعيل جهود العمل الخيري لمواجهة تحديات الإسكان للأسر الأشد حاجة للمسكن، وتقدم نموذجًا متميزًا لتفعيل الشراكة بين جميع القطاعات.

فعلاً.. في شهر رمضان تسعدنا هذه الإنجازات لبلادنا المشغولة بما ينفعها.

نقلا عن (الجزيرة)

اظهر المزيد
إغلاق