رئيسيكورونا والاقتصاد

معلومات وتوقعات مهمة.. هكذا سيتغير الاقتصاد وحياة البشر بعد “كورونا”

الريادة – متابعات

لم يعد العالم كما كان قبل 31 ديسمبر 2019، عندما سجلت منظمة الصحة العالمية أول إصابة التهاب رئوي ـ تبين أنه فيروس كورونا لاحقا ـ في مدينة ووهان الصينية، ولا يبدو الآن أن العالم سيعود لسابق عهده.

في مثل هذا الوقت تقريبا قبل عام، كان المحللون والمراقبون يتجادلون حول آثار المرض المنتشر في الصين وإمكانية تحوله إلى وباء على غرار «سارس» الذي أصاب بضعة آلاف وقتل المئات في عام 2003.

لكن بعد أسابيع من هذا الجدل، أعلنت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا المستجد «جائحة» لانتشاره واسع النطاق خارج الصين، ومنذ ذلك الحين بدأ كل شيء يتغير، بسبب مرض أصاب أكثر من 100 مليون شخص وقتل ما يزيد على 2.3 مليون منهم.

التغير المقصود لا يقتصر على حالة الطوارئ الصحية التي يعيشها الناس حول العالم وما رافقها من إجراءات احترازية وتباعد اجتماعي، ولكن أيضا التغيرات العميقة التي شهدها الاقتصاد وسوق العمل وحتى سلوكيات المواطنين. وفقا لـ “الأنباء” الكويتية.

الأكثر من ذلك، أن هذه التغيرات لا يعتقد أنها ستختفي ببساطة مع انتهاء الجائحة، والتي بخلاف الجوائح السابقة ـ حتى إن كان بعضها أكثر فتكا بالبشر ـ ستظل الأكثر رسوخا في الأذهان نظرا لأنها حلت في عصر «ثورة المعلومات» والذي جعل كل شخص على دراية تامة بما يحدث حول العالم.

الاقتصاد والأسواق

التحولات الكبيرة في أسواق الأسهم، يمكن أن تؤثر على قيمة المعاشات التقاعدية أو حسابات التوفير الفردية، وشهدت مؤشرات «داو جونز» و«فوتسي» و«نيكي» بالفعل انخفاضات هائلة مع تزايد الإصابات في الأشهر الأولى.

تعافت أسواق الأسهم الرئيسية في آسيا والولايات المتحدة بعد الإعلان عن اللقاح الأول في نوفمبر، لكن مؤشرات أخرى ظلت متراجعة، ثم استعادت بعض الأسواق قوتها في يناير من هذا العام، وهو اتجاه طبيعي يعرف باسم «تأثير يناير».

واستجابة للأزمة، قامت البنوك المركزية في العديد من البلدان، بخفض أسعار الفائدة، وهذا من شأنه، من الناحية النظرية، أن يجعل الاقتراض أرخص وأن يشجع الإنفاق لتعزيز الاقتصاد، لكنه يشجع أيضا اتجاهات أخرى غير صحية.

وفقد الكثير من الناس وظائفهم أو انخفضت دخولهم، وارتفعت معدلات البطالة في الاقتصادات الكبرى، ففي أميركا مثلا، بلغت نسبة العاطلين عن العمل 8.9% سنويا، وفقا لصندوق النقد الدولي، مما يشير إلى نهاية عقد من التوسع في الوظائف.

تم وضع ملايين العمال في برامج الاحتفاظ بالوظائف التي تدعمها الحكومة وغيرها من برامج البطالة مع وصول أجزاء من الاقتصاد، مثل السياحة والضيافة، إلى طريق مسدود، ولاتزال أعداد فرص العمل الجديدة منخفضة للغاية في العديد من البلدان.

ويقدر صندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد العالمي انكمش بنسبة 4.4% في عام 2020، ووصف التراجع بأنه الأسوأ منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات. نمو الاقتصاد يعني عموما المزيد من الثروة والمزيد من الوظائف الجديدة.

تغيرات هيكلية

من المتوقع خفض الشركات لاستثماراتها في الأصول الثابتة عند مرحلة ما بسبب انخفاض الربحية، وأيضا سيسوء توزيع الدخل في جميع أنحاء العالم، وقد تسبب الوباء بالفعل في تدهور خطير لربحية الأعمال في جميع أنحاء العالم.

وعلى غرار الأزمة العالمية في عام 2008، سترغب الشركات في استعادة ربحيتها، وبالتالي يتعين عليها خفض العمالة والأجور، وسيؤدي هذا إلى تفاقم توزيع الدخل الذي تعرض لضربة موجعة بالفعل حول العالم.

وسيؤدي تدخل الحكومات لدعم الاقتصاد إلى خلق المزيد من الشركات الهشة أو ما يعرف بـ «شركات الزومبي»، ومع انخفاض الفائدة ستواصل الدول تمويل هذه الكيانات غير المنتجة، وهذا كله ربما يستدعي إعادة النظر في النموذج الاقتصادي للتخفيف من آثار الجائحة.

على جانب آخر، يقول رئيس ومدير معهد «ماكينزي غلوبال» جيمس مانيكا إنه من غير المرجح أن يعود العالم بعد «كوفيد ـ 19» إلى ما كان عليه، حيث إن العديد من الاتجاهات الجارية في الاقتصاد العالمي والمتسارعة بفعل تأثير الوباء.

وهذا ينطبق بشكل خاص على الاقتصاد الرقمي، حيث يتعاظم السلوك الرقمي مثل العمل والتعلم والتطبيب عن بعد وخدمات التوصيل، وقد تتسارع التغييرات الهيكلية الأخرى أيضا، بما في ذلك إضفاء الطابع الإقليمي على سلاسل التوريد وتطور ضخم في تدفقات البيانات عبر الحدود.

تطور سوق العمل يمضي بشكل أسرع ليس فقط نتيجة للتقدم التكنولوجي ولكن أيضا لاعتبارات جديدة للصحة والسلامة، وستستغرق الاقتصادات وأسواق العمل وقتا للتعافي ومن المرجح أن تعود متغيرة، وفقا لمانيكا.

ويضيف مدير المعهد أن التأثيرات المحتملة على الخيارات طويلة الأجل للاقتصادات والمجتمع تشمل المواقف حول الكفاءة مقابل المرونة، ومستقبل الرأسمالية، والسياسة الصناعية، كما أنها تدعو إلى العمل العالمي والجماعي.

حياة الأشخاص ستتغير

مع حدوث نحو 40% من وفيات الوباء في أميركا داخل مرافق الرعاية طويلة الأجل، كشف المرض عدم كفاية البنية التحتية للرعاية وأهمية الرعاية المنزلية، وهو ما يستدعي تغيرين: دور رعاية أقل ولكن أفضل، والمزيد من الموارد لمساعدة الأشخاص ليكبروا بأمان في منازلهم.

ويقول إزكيل إيمانويل، نائب عميد المبادرات العالمية في جامعة بنسلفانيا، «ستلاحظ المزيد من التركيز على أن يكبر الناس ويقضوا مرحلة الشيخوخة في منازلهم، واكتشاف كيفية تحويل الحوافز المالية لإنجاح هذا العمل».

في أميركا أيضا، من المتوقع خفض متوسط ​​العمر المتوقع للأميركيين الذين يبلغون 65 عاما اليوم بنحو عام تقريبا، وذلك بسبب ارتفاع معدل الوفيات بالفعل جراء الجائحة، وفقا للباحثين في جامعة برينستون وجامعة جنوب كاليفورنيا.

بالإضافة إلى الأضرار الجسدية طويلة الأمد التي يعاني منها بعض الناجين من كوفيد، فإن الوباء يقوض القدرة على المشاركة في الأنشطة المرتبطة بصحة أفضل وحياة أطول، بما في ذلك التنشئة الاجتماعية وممارسة الرياضة ومساعدة الآخرين.

ويرى الخبراء أيضا أن انقطاع الناس عن روتينهم سيمنحهم بعض الوقت للتفكير في حياتهم، كما أن العمل من المنزل يعطيهم نبذة عما يبدو عليه التقاعد، وعلاوة على ذلك، فإن الأزمة ستدفع الكثيرين إلى التفكير في الموت والتخطيط له.

وبطبيعة الحال سيعتمد الناس أنماط حياة صحية أكثر، مثل الأنظمة الغذائية الموثوقة وممارسة الرياضة، وستتغير نظرتهم لمسألة «التقدم في العمر»، وأيضا سيميلون إلى الادخار بشكل أكبر وبناء محافظ استثمارية أقوى للتقاعد.

اظهر المزيد
إغلاق