مقال

أمريكا.. هل تخفق في التحديات الثلاث؟

عبدالعزيز عبدالوهاب الفايز
مصرفي، خريج إدارة مالية

تواجه أمريكا حاليا ثلاثة تحديات رئيسية، اقتصادية وصحية وأمنية تضعها تحت المجهر لمعرفة مدى قدرتها على الصمود، وهذا الترقب العالمي طبيعي بحكم حجم اقتصادها، وبحكم تفردها في التأثير على الأوضاع في العالم رغم تواجد الصين القوي في الساحة العالمية وسعيها إلى منافسة مريكا.

والسؤال الان: هل تستطيع امريكا باقتصادها وامكانيتها ونفوذها العالمي الصمود امام هذه التحديات الثلاث الكبرى؟

في جبه التحدي الاقتصادي، حقائق الاقتصاد الأمريكي تضعه في الريادة عالميا بمجموع الناتج المحلي 21 ترليون دولار، ومع إرتفاع حصة الفرد في الناتج المحلي وقدرها 62 ألف دولار. ولاية كاليفورنيا لديها خامس أكبر ناتج محلي في العالم وحدها. سوق الأسهم هو أيضا الأكبر عالميا ب 25.5 ترليون دولار لبورصة نيويورك للأسهم.

رغم حجم الاقتصاد الأمريكي وقوته، ولكن ومع جود قوى ومتغيرات جديدة يقف الاقتصادي الأمريكي امام الاختبار. فجائحة كورونا وحرب ترمب التجارية مع الصين تسببت في تذبذب تعاملات سوق الأسهم الأمريكية، مما دفع البنك الفيدرالي لإنقاذ الاقتصاد بضخ 2.3 ترليون دولار وتنزيل أسعار الفائدة الى تقريبا صفر، ورغم ذلك رأينا ارتفاع معدل البطالة الشهري الى مستويات قياسية ليصل الى 14.7% وهو الأعلى منذ عام 1948. الداو جونز في اول ثلاث أشهر من 2020 خسر 7000 نقطه، أي ما يعادل قيمة المؤشر في ابريل 2009 ومعدل تضخم الناتج المحلي الربعي الى سالب (-5%) في اول ربع في 2020.

أيضا في جبهة التحدي الصحي ثمة مخاوف من عدم قدرته على الصمود، رغم ان النظام الصحي الأمريكي يتفوق في نواحي كثيره، فأمريكا لديها 4 من أفضل 10 مستشفيات حول  العالم في عام 2019 ولديها 6 من أفضل 10 جامعات في مجال الطب في العالم.

ولدى أمريكا أيضا 100 فائزا بجائزه نوبل في المجال الطبي، وهو الأكثر في العالم. كذلك لديها 2.6 طبيبا مقابل كل 1,000، وهو اعلى من المعدل العالمي 1.6 لكل 1,000.

جميعا رأينا كيف عان النظام الصحي الأمريكي خلال جائحة كورونا حيث لديها اعلى عدد إصابات ب 1.9 مليون إصابة، وأكثر من 110 ألف حاله وفاه بمعدل 5.7٪، واعلى عدد وفيات في يوم واحد ب 4,927 حالة وفاه. والان أمريكا هي المتضرر الأكبر من الفايروس نظرًا للتأخير في الاستعداد لمواجهته اعتقادًا أنه اقرب الى نزله برد!

وجاءت احداث مقتل جورد فلود في مينيسوتا لتضيف تحديا جديدا غير متوقع حيث أضاف مشكلة سياسية لن تكون في صالح الاقتصاد. فالمشكلة العنصرية سوف تدفع التكلفة السياسية والاجتماعية، ومتطلبات فرض الامن في عدد كبير من ولايتها مع تزايد عدد حالات السرقة تظيف متاعب جديدة للاقتصاد بالذات استمرار تعطل النشاط الاقتصادي.

طبعا هناك من يرى ان الاقتصاد الأمريكي لديه المرونة والقدرة على امتصاص الصدمات، فسابقا أمريكا تجاوزت ازمات اقتصادية كثيره منها الكساد العظيم في 1930، وازمة ارتفاع أسعار النفط في السبعينات، وأزمة الدوت كوم في أوائل الالفية، وأزمة الرهن العقاري في 2008.

كذلك التحديات في النظام الصحي مثل جائحة الأنفلونزا الاسبانية في 1918، ولاحقًا إنفلونزا الطيور في 1958، والايدز الذي لازال موجود منذ ثمانينات القرن الماضي. وأخيرا تحديات الحروب مثل الحرب الاهلية 1861 الحرب العالمية الاولى 1914 والثانية 1939 والحرب الكورية 1950 وحرب فيتنام 1959 وأخيرا حرب الخليج الاولى 1990.

لازالت أمريكا بعد هذه الازمات تعد أكبر القوى الاقتصادية والطبية والعسكرية في العالم، ونرى مؤخرا ظهور ارقام إيجابية منها تحسن معدل البطالة، وارتفاع سوق الأسهم تقريبا الى ما قبل كورونا، مع تسحن الوضع الصحي مع نزول اعداد الوفيات يوميا. ولكن قد تكون هذه المرة الاولى التي تواجه أمريكا عدة أزمات في نفس الوقت، فهل تستطيع المحافظة على مركزها وسط منافسة الصين؟

رغم هذا التحديات المحلية والدولية لأمريكا، هناك من يرى ان القوى الصاعدة المنافسة، مثل الصين، تواجه هي الأخرى إشكالية اتهامها في التأخر في الإبلاغ عن ظهور كورونا، وكذلك الوضع الحالي في هونج كونج. أيضا دول الاتحاد الاوروبي لديها مشاكلها الداخلية ومشكلة خروج بريطانيا، هذا الوضع في تصوري يدعم بقاء أمريكا في موقعها القيادي، وهذا مرهون بعدم تطور الاحداث القائمة وبمدى قدرة الرئاسة وحكمتها وعقلانية التعامل معها وعدم فتح جبهات جديدة تتسبب في اضعاف القوة الأمريكية.

 

اظهر المزيد
إغلاق