مقال

خوادم الحوكمة “المنصات الإلكترونية”

سلطان سعود السجان

إعادة واستفادة وللمرة الثالثة والأخيرة من مبدأ (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)، هذه المقالة ستغير كثيرا من المفاهيم والمعتقدات السائدة بين الناس عن الحوكمة وأن الحوكمة عبارة مجموعة من الأعمال والنشاطات المساعدة على رفع كفاءة عمليات المنظمات باختلاف طبيعتها، ولكن يؤسفني – حقيقة – أن أقول إن الحوكمة “مبدأ وليست نشاطا”. الحوكمة – يا سيدات وسادة – عبارة عن نظام يتكون من مجموعة من المبادئ مثل مبدأ الفاعلية والكفاءة والمشاركة في صنع القرار.

تحتاج الحوكمة إلى الأدوات الداعمة لتحقيق تلكم المبادئ وسأطلق عليها اليوم وللمرة الثالثة “خوادم الحوكمة”. وخوادم الحوكمة كثيرة ومتنوعة وهذا الشأن أكسب الحوكمة المرونة في التطبيق والتفعيل والقياس ، وقد يوم يأتي اليوم الذي ستتغلب فيه الحوكمة على الأنظمة العالمية مثل الديمقراطية والاشتراكية وحتى الديكتاتورية ويسود نظامها العالم. مقالة اليوم ستتحدث عن أحد أهم خوادم الحوكمة وهو “المنصات الإلكترونية”.

تعتبر المنصات الإلكترونية للمنظمات من الأدوات الحديثة لدعم مبادئ الحوكمة والتي لم تكن موجودة قبل ثلاثين عاما كحد أقصى. وجوهر فكرة المنصات الإلكترونية هي مواقع إلكترونية للمنظمات كأنها قنوات تواصل المنظمة مع أصحاب المصلحة حتى تتمكن تلك المنظمة من تحقيق تطلعات وتوقعات وخدمة أصحاب المصلحة. عادةً، تشمل المنصات مجموعة من الخدمات والمنتجات المقدمة لأصحاب المصلحة بالإضافة إلى خدمات ما بعد البيع، هذا النسبة للمنظمات الربحية. أما بالنسبة للمنظمات غير الربحية “الخيرية” فتشمل خدمات التبرعات وتوزيع الصدقات وغيرها. وفي الكفة الثالثة فالمنصات الإلكترونية الخاصة بالمنظمات الحكومية فمهمتها تقديم الخدمات الحكومية حسب الاختصاص بتلك الوزارة أو الهيئة الحكومية. وأما غير المعتاد والنادر في هذه المنصات فهو تفعيل العديد ممن مبادئ وركائز الحوكمة وأقصد به هنا المشاركة في صنع القرار وأحقية المسألة عن نشاطات المنظمة. قد يكون الحديث هنا معقدا كتعقيدات الدهاليز التقنية للإنترنت أو كالضياع في مفازة الربع الخالي. لذا أقترح أن توضع مبادئ الحوكمة كغاية مستهدفة في خارطة طريق تطوير المنصات الإلكترونية وتفعيلها للجمهور.

تاريخيًا، أول منصة إلكترونية لخدمة الحوكمة بدأت في أمريكا عام 1991م عندما صنعتها الحكومة الأمريكية لدعم نظام الحوكمة في القطاع العام من خلال استقبال أراء وتطلعات المنظمات باختلاف طبيعتها مثل الشركات ومنظمات المجتمع المدني ثم تبعتها المنصة الإلكترونية التي أطلقها الاتحادالأوربي في يوليو 1995م لأخذ رأي العامة ومقترحاتهم والقضايا التي يواجها المجتمعات الأوربية. وفي مطلع الألفية التي نعيشها الأن، بدأ مفهوم المنصات الإلكترونية الحكومية ينتشر وبدأت الكثير من الدول بتني هذا المفهوم وعكسه على خططهم الاستراتيجية، وقد شاركت أنا شخصيا في عام 2002م بمؤتمر عقد في الرياض عن الحكومة الإلكترونية ، وقد كان أبرز التحديات التي طرحت في المؤتمر هو ضعف البنية التحتية للمملكة العربية السعودية.

ومن وجهة نظري وبعد عشرين عاما تقريبا من ذالكم المؤتمر، بدأ لي واضحًا وجليًا أن المؤتمر قد حصد نتائج بذوره التي زرعها ، وكما يعلم الجميع مدى قوة البنية التحتية التي نمتلكها والدليل ما صُنفت به المملكة من أفضل عشر دول في العالم في تدفق الإنترنت لها رغم دخولها المتأخر في عام 1994م إلى عالم الإنترنت. تطلعات خبراء الحوكمة إيجابية من وجود المنصات الإلكترونية سواء كان للقطاع العام أو القطاع الخاص أو القطاع الخيري بل أصبح طموحاتهم إنجازه ولله الحمد والمنة.

وتحياتي،

اظهر المزيد
إغلاق