رئيسيريادة عالميةصدى الأخبار

معرض الرياض الدولي للكتاب 2021 .. “وهج معرفي وريادة ثقافية ” ونسخته الأكبر في تاريخ المملكة تشعل الحراك الثقافي

يواصل فعالياته وسط احتفاء وإقبال كبيرين

الرياض – الريادة

كعادتها، تحرص المملكة العربية السعودية على أن تكون دولة رائدة ليس عربيًا وإقليميًا فحسب، بل عالميًا أيضًا؛ بداية من السياسة ومرورًا بالاقتصاد وليس انتهاءً بالثقافة ، وليس أدل على هذا من ذلك الوهج المعرفي والثقافي الذي يشعه سنويًا معرض الرياض الدولي للكتاب.

ولعل المعرض في دورته لهذا العام 2021 يعكس ريادة المملكة على الصعيد الثقافي بشكل جلي؛ إذ أنه يعد الأهم على مستوى المنطقة بأسرها من ناحية القوة الشرائية ، كما أنه الأكبر في تاريخ السعودية؛ حيث يقام على مساحة 36 ألف متر مربع وتشارك فيه أكثر  من 1000 دار نشر من نحو 30 دولة في العالم، كما يحتضن مضماره 15 ألف زائر في وقت واحد.

وكان وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود افتتح ، مساء الخميس الماضي، فعاليات المعرض في واجهة الرياض، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – وتحت شعار “وجهة جديدة فصل جديد”.

المعرض – الذي يواصل فعالياته حتى يوم 10 أكتوبر الجاري – برهن على أهميته منذ اللحظة الأولى لإطلاق نسخته الجديدة ؛ حيث حظي حفل التدشين بحضورٍ فوق العادة فقد حضره وزير الثقافة والسياحة والآثار في العراق، حسن ناظم، وسفير العراق لدى السعودية، عبدالستار هادي الجنابي، باعتبارهما ممثلين لجمهورية العراق التي تم اختيارها لتكون ضيف شرف دورة هذا العام من المعرض، كما شهد الحفل حضورًا نوعيًا من شخصيات وقيادات ثقافية سعودية وعربية ودولية، يتقدمهم الأمير تركي الفيصل، والأمير الشاعر عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود، وتركي آل الشيخ ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، وفهد السماري، أمين دارة الملك عبدالعزيز المكلف، وإيناس عبدالدايم ، وزيرة الثقافة في مصر، ومحمد حسن علوان ، الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، إلى جانب سفراء ووزراء ومسؤولين ثقافيين من دول عديدة.

وتتعاظم أهمية معرض الرياض الدولي للكتاب ليس فقط من الإقبال الكبير عليه وعدد دور النشر والدول المشاركة ، ولكن أيضًا مما يحدثه من حراكٍ ثقافي كبيرٍ داخل الوطن مما يجعله أهم مناسبة ثقافية تُحدث حالة من الانتعاش في الحالة الثقافية ، بل إن هذا الحراك يتجاوز حدود المملكة إلى الدول العربية التي تحرص على المشاركة في هذه الفعالية الكبرى ليلتقى الكتاب والأدباء والمفكرون العرب بهدف لإطلاع على أحدث المستجدات في عالم النشر والأدب والفكر والمعرفة والفنون والترجمة وغيرها.

وفي سياق هذا الحراك الثقافي الواسع لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2021 حرصت هيئة الأدب والنشر والترجمة على إقامة العديد من الندوات والأمسيات النوعية التي تثري برنامج المعرض الثقافي الشامل، وخاصة أن هذه الدورة هي الأولى التي تنظمها وتشرف عليها الهيئة بعد نقل اختصاصات المعرض إليها؛ حيث يحتضن ورش عمل، وجلسات حوارية، ودورات تدريبية، إلى جانب أمسيات شعرية وفنية، وعروض ومسرحيات عالمية تقدم على 3 مسارح خارجية، مسرحان في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، ومسرح في مركز الملك فهد الثقافي.

وتنظّم الهيئة على هامش المعرض مؤتمر الناشرين الدولي، وذلك يومي 4 و 5 أكتوبر، وهو أول مؤتمر من نوعه في المملكة، ويهدف إلى إعادة صياغة مستقبل صناعة النشر عربياً، ويضم ورش عمل يقدمها كبار الناشرين في العالم، وقيادات صناعة الكتاب، وسط مشاركة فاعلة من اتحادات النشر العالمية.

كما يُعدّ بمثابة نقطة الانطلاق نحو تطوير وتعزيز قطاع النشر على المستويين المحلي والإقليمي؛ لما يقدمه من فرصة مثالية لبناء وتعزيز العلاقات بين الناشرين على مختلف الصّعد المحلية والعربية والدولية، ويتضمن جلسات حوارية ستتناول عملية نقل الحقوق والترجمة وفرصها.

و يستضيف المعرض أيضًا فعالية “حديث الكتاب” التي تقدم نخبة من المفكرين والمؤلفين والمشاهير المؤثرين، يتصدرهم الأمير تركي الفيصل، وجوردان بيلفورت، وكريس جاردن، للحديث عن تجاربهم الملهمة في الكتابة والتأليف.

واللافت أن معرض الرياض الدولي للكتاب 2021 يركز الاهتمام على قنوات النشر الحديثة كالكتاب الصوتي والرقمي، وقد وفر منصة افتراضية تخوّل الزائر من التجول عن بُعد بين جنبات دور النشر لاقتناء الكتب والاطلاع على الإصدارات كافة، مع وجود منظومة دعم لوجستي تضمن توصيل الكتاب في وقت قياسي.

ومن بين مفاجآت المعرض في دورته الحالية عرض أكبر كتاب يتحدث عن مدينة العلا بوزن 70 كيلوجراماً والصادر عن دار “أسولين” الفرنسية التي تشارك للمرة الأولى في معارض الكتب بالمملكة ، وهو الأمر الذى لفت أنظار زوار المعرض.

الكتاب ، الذي استغرق إعداده أكثر من عامين ، وصدر بالتعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتم إعداده من الصفحات الفاخرة المصنوعة يدوياً، حافلٌ بتفاصيل التجربة الحضارية التي خاضها البشر وعجائب الطبيعة والمعالم البشرية المذهلة التي تمثلها مدينة العلا كأكبر متحف مفتوح في العالم.

ويحوي الكتاب مجموعة من الصور الفوتوغرافية المبهرة التي قام بالتقاطها المصوّر العالمي روبرت بوليدوري، واللوحات الفنية التوضيحية من الفنان الشامل إيغناسي مونريال، وما يخص هذا الإصدار المحدود فإن كل صفحة من صفحات المجلد تأخذ متصفحها إلى سحر العلا العريقة، وتعرّفه على الأعمال الفنية والمبتكرة، التي أسهمت في صنعها مختلف الحضارات عبر آلاف السنين، والذين عاشوا لمدة طويلة في تضاريس العلا وطبيعتها الاستثنائية وجبالها الفريدة، تاركين فيها آثارًا من لغاتهم وثقافاتهم وأسلوب حياتهم.

ويتضمن المجلد صورًا ورسومات لمقابر ضخمة في منطقة الحِجر، وصورًا لأحجار هائلة الحجم نحتتها عوامل التعرية مثل صخرة جبل الفيل، وصورًا ورسومات لفنون صخرية تُظهر البيئة الحيوانية للمنطقة خلال آلاف السنين.

كما يشهد معرض الرياض الدولي للكتاب 2021 عرض دار “كريستيز” العالمية أول خريطة جيولوجية للمملكة العربية السعودية من القرن العشرين، وتعتمد عليها الكثير من الخرائط الحالية، بالإضافة إلى 22 خريطة تفصيلية نادرة للجزيرة العربية. ووفقًا للمتخصصة في الفنون الإسلامية والهندية فرانسيس كيوورث فإنهم يعرضون مخطوطات قديمة، يرجع عمرها إلى أكثر من 500 سنة، والنسخ الأولى من كتب علمية قديمة إلى جانب سلسلة مكونة من 6 كتب، تتضمن رسومات للطيور وشرحًا عنها بيد العالم الفرنسي فرانسوا ليفونت، تعود إلى القرن التاسع عشر.

كما تعرض الدار 8 كتب علمية، وهي سلسلة فرنسية علمية كتبها العالم بيير جوزيف. وأوضحت كيوورث أنّ جناح الدار في المعرض يكشف النقاب عن مخطوطة نادرة مكتوبة بخط اليد باللغة اللاتينية، مصدرها من إيطاليا، تعود إلى القرن الخامس عشر، موضحة أن فرعها في لندن يعرض مكتبة خاصة تضم 3 آلاف كتاب جمعت على مدى 50 سنة، ومراجع عن الفنون الإسلامية، بعضها نادر جدًا من القرن التاسع.

اظهر المزيد
إغلاق