مقال

حوكمة الحكومة

سلطان سعود السجان

حوكمة الحكومة أو حوكمة القطاع العام كما هو معروف ومشهور بين العاميين والمختصين الناظرين إلى الحوكمة من منظور إيجابي ومرغوب سواء كان من الإعلاميين والسياسيين ورجال الدين بسبب أساليبها الحديثة والمتقدمة والتي تتناسب مع طبيعة اختلافات الدول من ثقافة وسياسة ودين. وما يجعل حوكمة القطاع العام تتميز عن غيرها من الأنظمة المعروفة هي امتلاكها للتقنيات المساعدة على تحقيق أهداف الحكومات الاستراتيجية طويلة المدى أو حتى المستهدفات التشغيلية قصيرة المدى بانسجام كامل بين مؤسساتها الرسمية أو الشبه حكومية.

دون الخوض في فلسفة حوكمة القطاع العام المعقدة للقراء غير المختصين فإنها وبكل بساطة هي تحقيق لرغبات واحتياجات أصحاب المصلحة على أساس العدل ولأصحاب القرار حق المسألة والمحاسبة للمقصرين وذلك باستخدام جميع الأدوات المتوفرة والمناسبة في الدولة مع أخذ بعين الاعتبار اختلاف الثقافات والأديان والسياسات بين الدول. ولمن سأل عن أصحاب المصلحة فهم كثر ومتنوعون باختلاف تَأثُرهم بنشاطات المؤسسات الحكومية سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر ومنهم المواطنون أو المستثمرون وأيضا العرقيات الأساسية أو العرقيات والجاليات الثانوية ولهم الحق في تلبية رغباتهم والاستجابة لاحتياجاتهم سواء بسواء دون ضرر أو إضرار أو انحياز طرف على حساب طرف آخر.

ومن كان يظن أن الحوكمة تختلف عن الأنظمة العالمية مثل الديموقراطية أو الاشتراكية أو الشيوعية أو حتى الديكتاتورية من ناحية المبادئ والمفاهيم والتقنيات فقد أصاب ظنه الصواب حيث أنها تتميز عنهم جميعا بالمرونة في طريقة التطبيق والتنفيذ. وأعتبر بعض الخبراءأن الأنظمة العالمية من أدوات الحوكمة المساعدة في تحقيق أهداف الحكومات. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تتميز الديموقراطية عن غيرها من الأنظمة العالمية بحرية الاختيار وذلك عن طريق التصويت والانتخابات وأيضا حق المسألة والمحاسبة عن طريق البرلمان وتعتبر هذه الأدوات من الأدوات المعينة لتنفيذ وتفعيل الحوكمة. وفي الجهة المقابلة إذا استعنابالحوكمة في نظام ديكتاتوري متطرف فسنجد أن الحوكمة تستطيع أن ترفع من جودة مخرجات المؤسسات الحكومية لهذا النظام الديكتاتوري المتطرف عن طريق المحاسبة الشديدة للمقصرين في تلكم المؤسسات. أتفهم هنا وجهة نظر القارئ المثقف ضد الجملة السابقة ولكن المقصد هو أن الحوكمة وُجدت من أجل تحقيق الأهداف بسرعة وكفاءة عالية مهما اختلفت الأهداف.

ومن المعيب أن لا يتحدث هذا المقال عن إنجازات المملكة العربية السعودية في هذا المجال رغم الزخم الإعلامي عن الحوكمة في المؤسسات الحكومية في المملكة ومن أشهرها حوكمة رؤية 2030 والمعروفة والمتوفرة لاطلاع العامة قبل الخاصة. بل أن كثير من الوزارات الحيوية والمهمة في المملكة قد أنشأت إدارات رئيسية للحوكمة من أجل رفع كفاءة عمليتها التشغيلية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. وما تحدث عنه سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقائته المتكررة من مستهدفات تم إنجازها خلال فترة قصيرة لم تَتَحقق إلا بتوفيق من الله تعالى وبسبب وجود حوكمة رشيدة حازمة أعانت على تحقيق مستهدفات المصلحة العامة وبالميزانية المرصودة لتلك الإنجازات.

جيراننا من دول الخليج العربي ليست من تلك الإنجازات ببعيد حيث تتقارب تصنيفات دول الخليج في مؤشرات الحوكمة العالمية الصادرة من البنك الدولي بشكل نسبي. وهذا الأمر شجعني للكتابة عن بعض أدوات الحوكمة المستخدمة في بعض دول الخليج في مقالاتي القادمة بإذن العدل الرشيد.
وتحياتي،

دكتوراه حوكمة في القطاع العام -2021

اظهر المزيد
إغلاق